شنودة الاول البطريرك 55 واضطهاد الخراج
الخميس 09/فبراير/2017 - 01:24 م
طباعة
بعد وفاة الأنبا قزمان حدث اختلاف بين الأساقفة عن من يخلفه واتفقوا على تقديم الأب شنودة الذي من البتانون قرية الثلاثين ربوه، وتخرج من دير أبو مقار وقد كان هذا البابا عالما تقيًا ورسم بطريركًا في 13 طوبة سنة 575 ش. الموافق 8 يناير سنة 859 م.
وعقب استلامه عصا الرعاية جاهد للرد على البدع والهرطقات التي كانت تحدث بين المؤمنين، وكان أهالى قرية مريوط متمسكين ببدعتي أبوليناريوس وأوطاخي. وأرشدهم للاعتقاد الصحيح، واتجه للوجه القبلي فوجد أن نصارى البلينا قد خرجوا على أسقفهما واعتنقوا بدعتيّ سابيليوس وفوتيوس الذين كانا يعتقدان بآلام لاهوت السيد المسيح وقت الصلب وأقنعهم حتى عادوا إلى الصواب.
وفي عهد الخليفة المنتصر تولى مصر يزيد بن عبد الله، وكان هذا الوالي قاسيا فأمر البابا شنودة أن يدفع له خمسة آلاف دينار وأن يدفع هذا المبلغ سنويا. فهرب البابا إلى أحد الأديرة البعيدة، وصار الوالي ينهب الكنائس ويسلب الكهنة، وسمع البطريرك بعذاب الكهنة والشعب، فسلَّم نفسه للوالي وطلب منه أن يدفع سبعة آلاف دينار منها أربعة آلاف خراج الكنائس مدة سنتين وثلاثة آلاف خرج للرهبان سنة واحدة!
وصار الأساقفة والقسوس يجمعون المبلغ. فجمعوا أربعة آلاف دينار قدمها البطريرك للوالي وتعهد بدفع مثلها كل عام. فعفا عنه الوالي وأطلقه. ثم استولى على كرسي الخلافة المعتز بالله، فأنتخب البطريرك رجلين من كبار الأقباط الأرخن ساويرس والأرخن إبراهيم وأرسلهما للخليفة ليبلغاه ظلم حكام مصر، وأحسن الخليفة استقبالهما وأمر بإرجاع ما سلب من الأقباط وأرسل البابا صورة من القرار لكل أسقف.
وانتهز البابا عهد الراحة فوصَّل المياه للإسكندرية في قناة بنى لها صهريجًا مرتفعًا في المدينة، ومد منه المواسير والمجارى إلى المنازل والمساكن، وسقيت الأراضي. وحدثت معجزة هي عدم أمطار السماء، وشكى الشعب للبابا قلة المطر، فصلى البابا، وعقب تقديم الأسرار الإلهية أمطرت السماء بغزارة وشكروا جميعًا الرب. ولما ملك أحمد ابن طولون مصر كره البطريرك لتوهمه بأنه في إمكانه أن يقاومه، وقد راعى على بث الفتنة بين الوالي والبطريرك، ولكن البطريرك اثبت براءته وغرم الراهب غرامة كبيرة.
وقد اعتاد الأنبا شنودة أن يذهب لدير أبو مقار يوم الخميس الكبير، ولما هاجم العرب الدير لينهبوا الرهبان والشعب الزائر خاف الجميع ورفعوا أصواتهم بالبكاء والنحيب، وتقدم البابا شنودة الشجاع إلى الأشرار وطلب منهم أن يأتوا إليه ليقتلوه، فلما أبصروه وقورًا شجاعًا رجعوا إلى الوراء. فأمر البابا شنودة الأول بأن يُبنى في كل دير حِصنًا للحماية، واستمر البابا مجاهدًا. وأقام على الكرسي البطريركي مدة 21 سنة و3 أشهر و11 يومًا وعاش مدة رياسته في المرقسية والمحلة الكبرى. وهو آخِر من سكن الإسكندرية من الباباوات وتنيَّح بسلام في 24 برمودة سنة 596 ش. الموافق 19 أبريل سنة 880 م. ودفن بالمرقسية وعاصر من الحكام المتوكل والمنتصر والمستعين وأحمد بن طولون في خلافة المعتز والمهدي والمعتمد.