عن تهديد "داعش" لإيران
الخميس 30/مارس/2017 - 03:21 م
طباعة
الكثير سألني عن تهديد توقيت تهديد "داعش" لإيران .. ولماذا إيران لم تشهد أي عملية إرهابية من قبل "داعش".
فقد أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي، عن تشكيل ما يسمى بكتيبة «سلمان الفارسي»، لافتا إلى أن الكتيبة تشكل من مقاتلين إيرانيين، ينتمون للتنظيم على الحدود العراقية الإيرانية.
وعرض "داعش" في إصدار مرئي، بعنوان «بلاد فارس بين الأمس واليوم» باللغتين العربية والفارسية، مشاهد لأفراد الكتيبة، أثناء تدريبهم على الرماية، في محافظة ديالي شرق العراق.
وهدد تنظيم داعش بنقل العمليات العسكرية إلى داخل العمق الإيراني، مؤكدا أنها ستكون قوية ومؤلمة للنظام الإيراني، لافتا إلى أن الداخل الإيراني هش جدا.
هناك عدة امور نقف عندها حول مدي حقيقة تهديد "داعش" لإيران، ومدي استفادة ايران من هذا التهديد.
أولا، توقيت تهديد "داعش" هو محالة لغسل ماء وجه إيران من الجماعات الإرهابية وإظهار للعالم والإدارة الأمريكية الجديدة بأنها مستهدفة من "داعش" .
فقد صعدت الإدارة الأميركية تحذيراتها لإيران على خلفية انتهاكاتها المتكررة، وقال الرئيس دونالد ترامب إن "كل الخيارات مطروحة للتعامل مع طهران"، في وقت أكد متحدث باسم البيت الأبيض أن أعمالها العدائية "لن تمر دون رد".
وبعد يوم من إعلان مستشار الأمن القومي الأميركي أنه حذر طهران، رد ترامب على سؤال بشأن هل سيبحث خيارات عسكرية، بالقول إن كل الخيارات "مطروحة على الطاولة" فيما يتعلق بالرد على تجربة الصاروخ الباليستي الإيرانية.
الأمر الثاني، هناك علاقة تاريخية بين النظام الإيراني والجماعات الجهادية السنية في مقدمتها "الجماعة الإسلامية في مصر"، وتنظيم القاعدة، وأخيرا تنظيم "داعش" والتي تعد استراتيجية بشكل أو بأخر أشبه بإستراتجية قائد الحشاشون حسن الصباح.
وتعد إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي أنتجت فيلم يمجد قاتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وهو فيلم "إعدام فرعون "الذي يشيد خالد الاسلامبولى أحد قيادات الجماعة الذي قام بعملية الاغتيال عام 1981.
كما أظهرت دراسة نشرها مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، أن النظام الإيران استفاد من دعم الجماعات الإسلامية المتشددةن ولفت المركز الي إيران استخدمت تلك الجماعات كورقة ضغط على خصومها السياسيين والإقليميين، وإثبات المزاعم الإيرانية حول العالم أن الإرهابيين من السنّة فقط.
وأشارت الدراسة إلى التعاون الإيراني مع الجماعة الإسلامية في مصر نواة تنظيم القاعدة، وبعد ذلك مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، ومع جماعة “الإخوان المسلمين” وحركة حماس في فلسطين.
الأمر الثالث، أن إعلان "داعش" استهداف إيران- لن يحدث- جاء في وقت ذكر فيه موقع ايراني عن مفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بين ايران وهيئة تحرير الشام والتي تضم تظيم"جبهة النصرة" فرع القاعدة في سوريا.
فقد كشف موقع "تباناك" التابع لقائد الحرس الثوري السابق اللواء محسن رضائي، عن وجود مفاوضات سرية بين حركة "هيئة تحرير الشام" التي تضم "جبهة النصرة" المحسوب على القاعدة وإيران في قطر، وهو ما يشير الي قوة العلاقات بين إيران والجماعات الجهادية في العالم، وتنظيم القاعدة في سوريا.
لقاء ايران والقاعدة في قطر قد يشير الي وجود مفاوضات اوسع تشمل السعودية والجماعات المحسوبة علي الإخوان المسلمين والجماعات المرتبطة بالقطر والسعودية، بما يشير الي وجود مفاوضات بين ايران والسعودية في قطر حول ترتيب الأمور في سوريا.
الأمر الرابع، ايران تمثل الحديقة الخليفة والبيت السري لقاعدة الجماعات الجهادية السنية، وابسط مثال هو ما تم بعد 2001، عند احتلال امريكا لأفغانستان وسقوط حكم طالبان، استضافة طهران اغلب قيادات تنظيم القاعدة.
وفيما يتعلق بعلاقة النظام الايراني وتنظيم داعش المتشدد، ألمح باحثون إلى وجود علاقة بين الطرفين لوجود مصالح وأهداف مشتركة بينهما.
ونشر موقع "ويكيليكس" وثائق أميركية كشفت تدريب طهران مسلحين من تنظيم "القاعدة" في العراق على استخدام أحزمة ناسفة مزودة بكاميرات.
ووثائق أخرى تعود لزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن، أثبت عمق العلاقة بين الطرفين والتي بدأت في حقبة التسعينيات، إبان وجود قياديي "القاعدة" في السودان، نظراً لتوطد علاقة الإيرانيين بالنظام السوداني في حينه.
الوثائق كشفت تحرك "القاعدة" بأريحية داخل إيران، وأن التنظيم رغب في عام 2006 في تأسيس مكتب له بطهران. كما انه بعد أسابيع قليلة من تنحي الرئيس الاسبق حسني مبارك عن الحكم، عاد 3000 من قيادات وكوادر جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية، من الخارج كان اغلبهم يقيم في طهران ولندن
والأمر الخامس، بطبيعة الحال الجميع يعرف أن المرشد الأعلي علي خامنئي هو من ترجم أغلب كتب الأب الروحي للإخوان والجماعات الجهادية سيد قطب الي اللغة الفارسية.
اخيرا، تنظيمي "داعش" والقاعدة استهدفا دولاً عدة في المنطقة، كما استهدفا دولاً أوروبية، لكنه لم يشنا حتى الآن هجمات ضد مصالح إيرانية، تؤكد علي وجود علاقة ومصالح مشتركة بين إيران وكل من تنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش".
إعلان "داعش" عن استهداف إيران هو جاء بما يخدم مصالح طهران، أشبه عملية تبييض وجهها أمام العالم، مع كثرة التسؤلات عن غياب إيران عن مرمي عمليات الجماعات الارهابية.