البطريرك 71 ميخائيل الثالث.. التأديب بالضرب والسجن

الخميس 08/يونيو/2017 - 02:00 م
طباعة البطريرك 71 ميخائيل
 
بعد أن توفي  البابا الأنبا غبريال خلى الكرسى الباباوى لمدة أربعة شهور وأيام فحاول راهب من دير أبو مقار أسمه ونس أبن كدران أن يتقدم للمنصب الباباوى , ولكن فعلة الرب وخدامه لم يرضوا به لأنه سعى إليها ولم يرغب فيه واحد من الشعب بأسرة ويقول الأنبا ساويرس أسقف فوة تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 153: أن أبن كدران أرسل لأخوته الرهبان ووعدهم بجوائز الذين معه ويعمل (ربما الذى يعمل أقاربهم فى الديوان ) بالديوان أن يزكوه , وتعصب قوم من أخوته الرهبان وأنضم معهم قوم من الأساقفة بسبب أنه وعدهم بأنه إذا أصبح بطريركا سوف يترك لهم إدارة الأديرة لأن إدارتها تابعة للبطريرك مباشرة وهؤلاء الأساقفة هم يعقوب القارى أسقف لقانة من مناطق البحيرة وأخرسطودولوس أسقف فوة وميخائيل أسقف طندتا  وأسقف آخر معهم وقد كان هذا الراهب قبل حضورة لمصر قسموه الأساقفة قمصاً فى دير ابو مقار , وذهبوا به إلى الإسكندرية ليرسموه هناك , وكان رجلاً طويل القامة جميل الوجه حسن الهيبة طيب الخلق حلو الكلام عالم باللغة القبطية ويحفظ كتب الكنيسة ماهراً فى الأنجيل وتفسيره قديماً وحديثاً وكان يوجد فى ذلك الزمان رجل شيخ طاعن فى السن فيلسوف أسمه أبو يوسف أبن ساويرس يسكن فى منطقة البحيرة (مديرية أو محافظة البحيرة) يقول الأنبا يوساب أسقف فوة تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 154: " أن الراهب يؤنس أبن كدران زور كتاباً ( رسالة ) عن الأراخنة أنهم وافقوا برسامته بطريركاً " وذهب إلى ريف البحيرة وأطلع أبن ابو يوسف عن فحوى الخطاب " .. فكتب إلى الأراخنة بمصر يعرفهم بما حدث من قبح سعى يونس أبن كدران فى كونه أنه تعدى على الأصول فى انه طلب ولم ينتظر حتى يكون مطلوب .. وأن تهجمه وطلبه يدل على نقص فى تكوين شخصيته .. وكيف يقدر أن يدبر ويعلم ويحكم شعب الرب من لا يعرف كيف يتحكم فى نفسه ورغباتها فهو لا يستطيع ان يعلمهم لأنه لم يدرب نفسه , فأجتمع فى الحال من حضر من الشيوخ الأراخنة المصريين فأتفقوا على أيقاف يونس وعدم ترشيحة أو أنتخابه لمنصب البابا وكتبوا ما قرروه ووقعوا عليه جميعاً ..

ويقول الأنبا ساويرس اسقف فوة تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 154: " عندما سمع الأراخنة بالأخبار القادمة من الأسكندرية أخبروا الوزير , وأرسلوا ليحضروه (يؤنس أبن كدران) هو والأساقفة الذين معه فنزلوا ومكثوا فى كنيسة أبو مينا الحمرة بمصر , وذكر بعض الناس أنه ذهب إلى القاضى النتسى فى الليل ووعد بإعطاء بيت المال (خزينة الخلافة) مبلغ 1000 دينار من ماله , ولما حضر الأراخنة قدام القاضى وعرفهم ما حدث من يؤنس , فقالوا للقاضى : " هذا الذى سنرسمه سيكون ملك على النصارى وسيحكم حتى الحبشة فإذا أخذ واحد له سمعه قبيحة هذه الرئاسة الباباوية تلف وفسد حكمه على الناس ولن يسمعوا له ولن يطيع الحبش مولانا الخليفة ولن يعطى أحد ما كان يأخذه الحليفة منهم من قبل , فوافق على كلامهم , ولكن قال القاضى : " ولكن يؤنس أبن كدر وعد بأن يعطى ألف دينار " فقالوا له سنعطيك ألف دينار عندما يرسم البطريرك , وبهذا فشلت خطة يؤنس أبن كندر فى طلب البطريركية
وحدث أن وبخ الأراخنة والأساقفة على الأساقفة الثلاثة الذين بدأوا يكرزوا يؤنس أبن كدران وذكروهم بما وقعوه من تعهد وحروم إذا إنفردوا برأى دون مشورة الجميع .. فإحتجوا على قول الأساقفة بعدم طاعتهم قائلين : أن يؤنس بن كدران أحضر لهم جماعة من المغاربة وجردوا سيوفهم من أغمادها وقالوا : إذا لم تكرزوه الآن سنقطعكم بهذه السيوف "
وفى المخطوط الذى كتبه بخط يده الأنبا مرقص أبن زرعة البطريرك والذى سجله ابن المقفع فى تاريخة تاريخ البطاركة لساويرس أبن المقفع إعداد الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها الطباعه النعام للتوريدات سنة 1999 ص 29 ج 3 : " أنه تم الأتفاق على طلب من يختاره الرب ليدبر شعبه ويخدمهم وكتبت رقاع ( أوراق) بها كل من : يوسف ابن أبو الفتح ( راهب) من أولاد الراهب الشيخ ( أى تلميذة ) ابو يحنس سليمان أبن الدجنادى من دير البراموس , وأنا الحقير مرقص ( أصبح بابا فيما بعد ) وميخائيل الذى أختاره الرب من دنشترى وكان حاضراً , ولما كان ميخائيل حاضراً وقت التوقيع على رفض يونس وطلبوا منه توقيعه فرفض فظنوا أنه حضر خصيصاً لمساعدة يونس الذى رفضوه , ولكن كان أمتناعه أنه لا يعرف اللغة القبطية ولا حتى اللغة العربية , كان ميخائيل راهبا فى دير القديس ابو مقار من قلاية تعرف يدنشترى وكان هذا الراهب شيخاً حسن الوجه ذات وقار وعفة وكان طاهراً إلا أنه لم يكن عالماً ولم يكن متعلماً لأن ابويه لم يهتموا بذلك فلم يتطلع ليرسم كاهناً ولطنه مارس قوانين الرهبنة ولم يكن يعرف القراءة قبطى ولا عربى وقمت انا مرقص بتعريفهم به وانه الوحيد الذى يستحق هذه النعمة , وكانت إرادة الرب وكان عيد الرسل فيه فكتبوا أسمه فى الرقاع من ضمن الثلاثة أسماء وكتبت الرقعة الرابعة بأسم السيد المسيح راعى الرعاة ( كان المحتكمون إلى القرعة الهيكلية يضعون دائماً ورقة بيضاء مع أسماء المقترع عليهم حتى إذا شائت الإرادة الإلهية رفضهم جميعاً ظهر هذا الرفض بالورقة البيضاء ) ورفعوا الرقاع على الهيكل وختموا الدرج بخواتمهم وأقاموا القداس عليهم ثلاثة ايام متوالية ثم احضروا طفلاً لم يبلغ بعد وفكوا الدرج أمام الشعب فألتقط الطفل رقعة منهما وأهتزت يداه وسقطت منه الرقعة فى الدرج (لفافة ورق بردى ) ويعتقد أن الرقعة التى سقطت كانت لـ يؤنس ابن ابو الفتح ( صار البطريرك التالى ) فعاد الطفل فأخذ رقعة ثانية غير الرقعة الأخرى وفضت الرقعة وقرأوها فكانت على أسم ميخائيل ابن دينشترى ( يقول برمستر نقلاً عن كروم أن هذه الكلمة قبطية وأصلها             ومعناها القلاية الكبرى راجع أيريس حبيب المصرى فى قصة الكنيسة القبطية الجزء الثالث ص 136 ), عندئذ صاح الشعب كله .. مستحق .. مستحق .. مستحق
وكان ميخائيل رجلاً قديساً عفيفاً , ويذكر يوساب أسقف فوة أن تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 154: كلمته السيدة العذراء من خلال صورة فى قلايتة مرات عديدة .. ولما سمع أنه أختير من قبل الرب هرب وجرى خارج المعلقة لأنه كان حاضراً مع الناس وترك عكازه هناك فطلبوه وعرفوا انه ذهب إلى قلايته فأرسلوا من يحضره عنوه وأخبروا القاضى بإختياره وأعطوه ألف دينار فأمر برسم البطريرك

نبوءة أبو الخير الايسلمدس

وكان هناك بدير القديس أبو مقار راهب تقى قديساً طاهراً نقياً أسمه أبو الخير الايسلمدس عندما سمع ماحدث من رفض أبن كدران قال البطريرك سوف يكون من دنشترى وكان منها ميخائيل الذى وقعت عليه القرعة بعد ذلك وقد ذكروا عنه أنه عندما توفى الأنبا غبريال البطريرك السابق رأى روحه بين الملائكة صاعدين بها إلى السما فقال للرهبان عما رآه وقال لهم تنيح البطرك فى هذه الساعة وبعد ثلاثة أيام من قوله لهم حضر بعض الرهبان إلى الدير وأخبروهم بوفاة البطريرك وذكروا وعن موعد وفاته الذى وافق اليوم والساعة التى ذكرها لهم القديس أبو الخير .

وكان معهم راهباً ذكر أن أنبا ميخائيل كان مريضاً قبل إنتخابة بطريركاً وكان مرضه خطير للغاية أشرف فيه على الموت فقام الرهبان وسألوا الراهب أبو الخير القديس فقال لهم : " أنه لن يمت فى مرضه بل سيموت بعد أن يجلس على العرش المرقصى "
البطريرك الأنبا ميخائيل

أتفقت جماعة الأقباط على أن يرسومه شماساً ثم قساً وفى ثالث يوم  رسم قمصاً فى الكنيسة المعلقة بمصر وذلك بعد أستئذان الخليفة فأمر بأن بموافقته على ما قرره كبار القبط وكتب سجل ( أمراً ) بذلك فذهبوا جميعاً إلى الإسكندرية وأجلسوه على كرسى مار مرقس الرسول وأكملوا رسما  يوم الأحد الخامس من مسرى سنة 687 للشهداء القديسين وقاموا بتعب عظيم حتى حفظوه القداس الباسيلى وبعد أن قدس به عاد إلى القاهرة وكان يوم وصوله إلى مصر يوماً مشهوداً أستقبله كبار وعظماء المسلمين أكثر ممن خرج للقاءه من المسيحيين الأقباط . وفرح الأقباط به مدينتى مصر والقاهرة فرحاً عظيماً , , وأحبه لأقباط وأطاعوه ولم يحدث هذا من قبل , أما الأنبا ميخائيل كان يفرح إذا رأى الشعب يصلى فى الكنائس , واتاريخ البطاركة لساويرس أبن المقفع إعداد الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها الطباعه النعام للتوريدات سنة 1999 ص 21 ج 3لكهنة والرهبان فى  الكنسية والأديرة , وكان يكثر الدعاء للشعب ويقول كتاب أبن المقفع فى تاريخ البطاركة : " وكانت أيام بطريركيته طيبة جداً "

البابا يرسم أسقفاً يبلغ من العمر ثلاثين سنة

وبعد عدة أيام قام البابا برسم خمسة أساقفة كان أحدهم من أولاد أحد الأراخنة بمصر أسمه أبن نفرا وكان قد ترك العالم وترهب فى دير أبو مقار فى قلاية دنشترى ( أى من نفس دير البطرك وكان معه ويعرفه) وعندما ذكر عنه أبن المقفع أنه صبى حديث السن كان يعنى أنه كان يبلغ من العمر 30 سنة وكان رسم شماساً فى الأسكنا ( الدير) فى عصر الأنبا غبريال البابا السابق وعندما وصل إلى مصر خرج البابا إلى دير الشمع كرزه ورسمه اسقف على منف فى يوم الخمسين ولم ينتظر يوم الأحد حسب العادة الجارية وكان هذا شئ خاص منه لأنه كان من أولاد قلايته وكان هذا الأسقف طاهراً عالماً ما لم يكون فى درجته كثير من الشيوخ الكبار فى السن .. ولكن لحداثة سنة كان سريع لبغضب فقد حدث أنه ذهب ليرفع صلاة القداس قى دير شهران لأنه كان فى أراضى كرسيه ولكنه معروف أن الأديره تابعة للبطريرك فمنعوه وقالوا : " رئيسنا البطريرك " .. فذهب إلى البطريرك وقال للبطريرك : " خد منى شئ أستعين به مما عليك وتجعله لى " , أستمر قائلاً : حق وحق إذا لم تفعل هذا وإلا جعلت هذا الدير مأذنه وأسلم وأأذن فيه"
وخاف البابا عليه وعلى الدير ويقول يوساب أسقف فوة تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 155: " فأجابه لما يريد ومضى السر وقدس فيه وجعله بطريركاً وجعل القس عليه قمص وكان أسمه مينا "


البابا يرسم أسقفاً متزوج

ولأول مرة فى تاريخ الكنيسة القبطية بعد المجامع الكنسية الأولى التى قررت أن يرسم الأساقفة من بين المتبتلين فرسم الشيخ جمال الدين الكفاه ابى المكارم أبن يوسف الأرخن من كتاب الدواوين اسقفاً لمصر وكان متزوجاً ولما علم الأساقفة والأراخنة قلة خبرته وثقافته المسيحية والقانونية أتفقوا أن يتولى الأنبا ميخائيل أسقف دمياط تقرير هذه الأمور لمعرفته بأمور الكنيسة وقوانينها ويكون مسئول على المحاكمات والتقاليد وغيرها وقرروا أن يدفعوا له خمسة دنانير فى الشهر فلم يوافق

ورسم أيضاً الشماس أبن جارود وكان من كهنة كنيسة القديس أبى سرجه وكان من كبار القبط الذين يعملون مع الخليفة كاتباً ووصل إلى منصب دواوين كبار كبير البيت فى المصريين ورسمه على أسقفية شبرا الخيمة وسماه مرقس ..


البابا ميخائيل والرهبان

قال أبن المقفع تاريخ البطاركة لساويرس أبن المقفع إعداد الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها الطباعه النعام للتوريدات سنة 1999 ص 21 ج 3 : " أن البابا ميخائيل كان عظيم السطوة على الرهبان والمتكبرين وكان يؤدب من أخطأ منهم ليس بالكلام فقط بل بالضرب والسجن , ولم يحدث أن خرج أحد من الأقباط عن دينة فى أيام هذا البطريرك

وألتفت حول هذا البطريرك الناس وتقبلوا توجيهاته وإرشاداته وكان يزور الفقراء والمعوزين فى بيوتهم ليعرف حاجاتهم بنفسه ويعمل على سدها , وكان يوزع المال الذى يأتية على الفقراء أولاً حتى ما إستوفوا إحنياجاتهم وإذا تبقى لدية بعض المال صرفة على الكنائس .. السنكسار الأثيوبى , ترجمة إلى الإنجليزية واليس يودج ج 3 ص 78

وفاة البابا ميخائيل رقم 71

وقد أقام هذا البابا على الكرسى البطريركة مدة ثمانية شهور واربعة ايام منها ثلاثة شهور بصحة جيدة ثم مرض ولما طال مرضه توجه إلى دير ابى مقار وأقام فى الدير مدة خمسة شهور يقاسى من مرضه إلى أن تنيح فى جمعة الفصح وهو اليوم الثالث فى اليوم الثالث من برمودة سنة 863 للشهداء .. وتناقلت الألسن أقوال أن الرهبان من قلاية كدران سقوه سماً ولكن لم يثبت هذا القول لأنه كان مريضاً قبل البطريركية ومرض بعدها فكفنوه ودفنوه مع آبائه البطاركة .

شارك