الغاية عند داعش تبرر الوسيلة
الثلاثاء 01/أغسطس/2017 - 08:36 م
طباعة
صدق فضيلة الأمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عندما نصح شباب المسلمين يوم أن فجر تنظيم داعش الإرهابي كنيستي "طنطا، والإسكندرية"، وقال لهم " إن الحملات التي يطلقها تنظيم داعش الإرهابي لضم الشباب المسلم إلى صفوفه حملات ضالة ومضللة غرضها زعزعة أمن الأوطان الإسلامية، والنيل من استقرارها، وزلزلة أركانها، واستهداف شبابها الذين يمثلون عماد هذه الأمة..". ونحن اليوم في هذا المقال سنركز على الهدف الأخير الذي عبر عنه فضيلة الأمام في نصيحته وهو استهداف تنظيم داعش للشباب المسلم، الذي يقوم التنظيم باغرائه بالانضمام إلى صفوفه مستخدمًا كل الوسائل في سبيل الوصول إلى هذا الهدف، ويطبق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة في تجنيده للشباب والفتيات على حد سواء، فهو يستخدم في تجنيدهم أسوء الوسائل وأحطها وأوضعها، والتي تنم عن انحدار أخلاقي لا يقره عُرف، ولا يرضى عنه دين. ويبدو أن التنظيم الإرهابي لا يستخدم شبكة الأنترنت في الترويج لأفكاره واستقطاب الشباب إليه فحسب، بل يستخدمه كذلك في أغراض أخرى، تحدثنا وسنتحدث عنها في مقالات كثيرة إن شاء الله. لكننا اليوم سنتحدث عن استخدام مواقع الأنترنت من قبل داعش، لكن هذه المرة ليست بشكل تنظيمي، وإنما بشكل فردي، حيث يستخدمه أفراد هذا التنظيم في خداع الفتيات والكذب عليهن من أجل الزواج منهن. وهذا شيئ جديد يضيف لهذا التنظيم صفات أخرى وهى الكذب والتزيف، والميكافلية التي تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، وهى قاعدة تتنافى مع مبادئ الإسلام التي يَدعي أفراد هذا التنظيم أنهم هاجروا من أجل أقامته في دولتهم المزعومة. ولقد رأينا قبل ذلك وسائل هذا التنظيم في استقطاب الشباب، ونشرنا أقوال بعض أولياء الأمور الذين انضم ابناؤهم إلى هذا التنظيم الإرهابي وكان أبرزها ما قاله أب يسكن في حي "الفاتح" في مدينة استانبول، والذي قال بإن ابنه لم يكن ملتزمًا دينيًا، وكان يتردد على إحدى المقاهي مع بعض زملائه. وذات يوم جاء بعض الشباب المنتسبين لداعش وتعرفوا عليهم دون أن يخبروهم بأنهم تابعين للتنظيم، وجلسوا وشربوا الخمر معهم، ثم بعد عدة أيام وبعد أن توطدت الصداقة بينهم جميعًا، قال أحد هؤلاء الشباب الجدد لأصدقائه بإنه تعرف على شاب ملتزم، قال له بإن ما يفعلوه من شرب الخمر والجلوس على المقاهي حرام، ودعاهم إلى الصلاة والذهاب إلى المسجد. فاقتنع الشباب الجدد والقدامى بكلام صديقهم وذهبوا معه إلى المسجد وتقابلوا مع هذا الشاب الذي دعاهم إلى الالتزام والصلاة، فبدأوا يلتزمون وتغيرت حياتهم تمامًا وتركوا الذهاب إلى المقهى. ثم أقنعهم هذا الشاب الملتزم بعد ذلك رويدًا رويدا بالذهاب إلى سوريا والانضمام إلى داعش من أجل الجهاد. وبالفعل اقتنع الشباب وذهبوا إلى سوريا وانضموا للتنظيم. ثم اكتشف الابن بعد ذلك أن الشباب الذين تعرفوا عليهم على المقهى وشربوا معهم الخمر، والشاب الملتزم جميعًا كانوا جميعًا أصدقاء ينتمون لتنظيم داعش، وإنهم خدعوهم بهذا المسلسل. فمكث الشاب معهم سبعة أشهر ثم عاد بعد ذلك إلى بلاده، لكنه لا يزال متأثر نفسيًا بهذه التجربة السيئة وفقًا لما قاله أبيه.
فهذه وسيلة من وسائل داعش لضم الشباب إليه، الغاية عندهم تبرر الوسيلة كما سبق وذكرنا، يرتكبون المحرمات من أجل الوصول إلى هدفهم، وهناك وسائل أخرى سنتحدث عنها بعد ذلك في مقالات لاحقة. واليوم نتحدث عن طريقة جديدة من طرق خداع أفراد هذا التنظيم، فلقد صادفت خبرًا في جريدة "حريت" التركية يقول بإن معهد الشرق الأوسط للبحوث الإعلامية (Middle East Media Research Institute) ــــ مؤسسة فكرية مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن ـــ قام بإعداد تقرير عن استغلال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي لمواقع الزواج على شبكة الأنترنت من أجل التعرف على فتيات والزواج منهن. وجاء في التقرير أن مقاتلي التنظيم يبحثون عن زوجات على مواقع الزواج التي تبث خدمتها باللغة الإنجليزية. كما وضح التقرير أن بعض مقاتلي التنظيم أعضاء على مواقع الزواج على الطريقة الإسلامية، وإنهم يبحثون عن زوجات لهم على هذه المواقع. وفي المقالة التي أثبتت أن بعض الإعلانات على موقع (Islamic Marriage) جاءت من "الموصل" ومن مدينة "الرقه السورية" تؤكد على أن بعض مستخدمي هذا الموقع يعدون الفتيات الائي يريدون الزواج منهن ويغرهن بقضاء أجازة في تركيا. ولقد نشرت جريدة (The Sun) الانجليزية تعليق أحد الدواعش على هذا الموقع والذي يقول فيه طبقًا للجريدة: "أبحث عن زوجة أحبها وأقضي معها وقتًا جميلًا. ونذهب معًا إلى الأماكن الرومانسية مثل تركيا ونبني سويًا ذكرايات حبنا الجميلة". كما أكد التقرير على أن مقاتلي التنظيم في السنوات الأخيرة يمارسون نشاطهم بفاعلية على مثل هذه المواقع. وإنه قبل عامين قد أُغلق موقع زواج يسمى (isissingles.com) بسبب استخدام مقاتلي داعش له.
وهذا يدل على الإزدواجية الأخلاقية لدى المنتسبين لهذا التنظيم، إذ أنهم في الوقت الذي يحاولون فيه إغراء الشباب التركي بالانضمام إليهم ويصفون لهم بلادهم بأنها أرض كفر، ومعقل شرك، ومقر للعلماء الفاسقين، ويدعونهم لترك كل هذا والهجرة إلى الدولة الإسلامية على حد تعبيرهم، نراهم في الوقت ذاته عندما يخاطبون الفتيات من الدول الأخرى على المواقع ويحاولون خداعهن، يقولون لهن تعالين لنقضي أجازة جميلة في تركيا. وكأن أرض الشرك ومعقل الكفر على حد زعمهم حلال لهم حرام على غيرهم. من أجل هذا يحذر كاتب هذا المقال الشباب المسلم، والفتيات المسلمات من هذه الأساليب التي يتبعها هذا التنظيم الإرهابي، حفظ الله شبابنا من كل سوء.