بعد عودته للقاهرة.. هل يفتح «رامي جان» خزائن أسرار الإخوان؟/«قطان» لـ«شيخ الأزهر»: نقدر دوركم فى مواجهة التطرف/«داعش» يتبنى هجوماً انتحارياً في عدن/الأمن العراقي يكثّف البحث عن جيوب «داعش»
الأربعاء 14/مارس/2018 - 10:10 ص
طباعة
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف المحلية والعربية بخصوص جماعات الاسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات عربيًا وعالميًا بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) صباح اليوم الأربعاء الموافق 14-3-2018
نبيل عبدالفتاح الباحث في شئون الجماعات الإسلامية خلال حواره لـ"البوابة نيوز": أولى تجارب تجديد الفكر الديني خرجت من "الأزهر".. وتعميم "مسرح القرية" أهم خطوات مواجهة التطرُّف
يرى الدكتور نبيل عبدالفتاح، الباحث المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى القاهرة، أن هناك ضرورة إلى تغيير مفهوم سياسة الثقافة فى مصر فى إطار مواجهة إشكالية التطرف العنيف فى مصر.
وطالب عبدالفتاح، فى حواره لـ«البوابة»، بضرورة أن تصل الثقافة بكل أشكالها، المسرح، والسينما، إلى القرى.
وأشار، إلى أن الشباب هم الفئة الجبيلية المستهدفة من أيديولوجيات التطرف الدينى، وبعض أنماط التطرف الفكرى والسلوكى، وحين نلقى نظرة على أعضاء تنظيم «داعش»، و«بوكو حرام»، نجد أن استهداف الشباب والصغار قد امتدَ من سن الثامنة عشرة حتى ما دون ذلك بأربع سنوات.
■ كيف يمكن أن تساهم وزارة الثقافة فى حل إشكالية التطرف العنيف فى مصر؟
لا بد من وضع سياسة ثقافية جديدة قائمة على إشاعة التفكير النقدى، ونشر فكرة أن الثقافة لا بد أن تكون للناس وليس للمثقفين، لأن المثقف المصرى يستطيع فى ظل الثورة الرقمية الهائلة أن يستدعى من المواقع الرقمية ومواقع بيع الكتب الجديدة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، أى شىء يريده، ويمكنه استدعاء جزء كبير من التراث الفكرى والفلسفى والأدبى فى الثقافات المختلفة من خلال المواقع الافتراضية، وبالتالى فالمثقف لم يعد بحاجة إلى دور وزارة الثقافة، إلا قليلًا، ولذلك أصبح أمرًا إلزاميًا وضروريًا أن تصل الثقافة إلى القرى، وأعنى الثقافة بشكل أشكالها، المسرح، والسينما، ومسرح القرية بالذات لا بد من تعميمه على مختلف القرى المصرية، وكذلك الحفلات الموسيقية، فنحن نرى انتشار الموسيقى الـ«كلاسيك» فى عواصم المحافظات، ولذلك لا بد أن تذهب الموسيقى الشعبية إلى الأرياف، والقرى، والمدن غير الكبيرة التى تعتبر شبيهة بالقرى فى صعيد مصر، حتى تصبح الموسيقى جزءًا من حياة الناس، ويصبح المسرح جزءًا من حياتهم، وكذلك السينما.
وينبغى أيضًا أن تُقدم الكتب بأثمان زهيدة إلى الطلاب فى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وطلاب الجامعات، باختصار هناك حاجة إلى تغيير مفهوم سياسة الثقافة فى مصر، وهى أنها تُقدم فى المقام الأول للناس، وليس للنخبة، فوسائل التكون والتشكل الثقافى متاحة بسهولة لدى النخبة، أما بالنسبة للمواطن البسيط فى الأرياف، فهذا غير متاح، وهو أمر خارج استطاعته من كافة الجوانب.
■ البعض يصف الفن الذى يعرى التطرُف وينتقده بأنه فن ذو غطاء إيديولوجي.. كيف ترى ذلك؟
ربما هم يتوجهون بكلامهم إلى هؤلاء الذين يوظفون السينما، أو الدراما التلفزيونية، فى تقديم صورة كاريكاتيرية للإرهابى، ولكن المعيار الأساسى فى هذا الأمر هو اللغة الفنية والإبداعية التى تُقدم بها مثل تلك الموضوعات، لا بد أن يكون هناك استخدام جيد للتقنيات السردية، والتقنيات التلفازية والسينمائية، من أجل تقديم هذه الأعمال على نحو إبداعى، وفى هذه الحالة سيكون تأثيرها كبيرا ومردودها واسع الصدى، أما الأعمال «المؤدلجة» فغالبًا ما يكون تأثيرها محدودا بلحظة مشاهدتها، وتظل عاجزة عن الالتحام بتكوين وإدراك ووعى المتلقى.
■ هل تستطيع وزارة الثقافة وحدها أن تضطلع بمهمة التصدى للإرهاب أم أنها مهمة كافة الوزارات؟
التصدى للإرهاب هو سياسة مواجهة عامة تقوم بها السلطة الثقافية الرسمية، والمنظمات غير الحكومية، والأزهر الشريف، ووزارة التربية والتعليم، والكنيسة، فالمسألة ظاهرة عامة، وبالتتالى فهى لا بد أن تواجَه على صعيد السياسات التعليمية، والتربوية، والدينية، والثقافية، لا بد من تضافر مجموعة من السياسات تأتلف لتحقيق مجموعة من قيم الاعتدال، وإنماء الثقافة النقدية والتفكير النقدى فى مصر.
■ الجماعات المتطرفة أصبحت تستهدف الأجيال الأصغر سنًا.. ما تفسيرك لذلك؟
الشباب هم الفئة الجبيلية المستهدفة من إيديولوجيات التطرف الدينى، وبعض أنماط التطرف الفكرى والسلوكى، وحين نلقى نظرة على أعضاء تنظيم «داعش»، و«بوكو حرام»، نجد أن استهداف الشباب والصغار قد امتدَ من سن الثامنة عشرة حتى ما دون ذلك بأربع سنوات، وصولًا إلى منتصف العشرينات من العمر، وتلك هى الفئات المستهدفة لأجل التجنيد داخل تلك الجماعات. وفى بعض الوقائع امتدَ التجنيد، والغواية، إلى بعض الصبية، على نحو ما ظهر فى سوريا، وفى المناطق التى سيطر عليها تنظيم بوكو حرام، وفى بعض مناطق الصومال والعراق، بحسب ما أثبتت دراسات بعض الباحثين. وأحد محفزات الشباب للتطرف تتمثل فى ديكتاتورية السن الكبير.
أو ديكتاتورية الشيوخ فى إدارة شئون البلاد العربية ومؤسساتها، وبروز الفجوات الجيلية، وهيمنة الفئات الأكبر سنًا على المواقع القيادية وهيكل الفرص المتاحة، وهذا يؤدى فى بعض الدول والمجتمعات، كما فى مصر، إلى الشعور بالإحباط، وغياب الأمل، وهذا قد دفع بعض فئات الشباب والصبية إلى تبنى أشكال التطرف، أو اللامبالاة والسلبية.
■ ما دور السياسة التربوية فى الوقاية من التطرُّف؟
دور التربية فى الوقاية من التطرف يحتاج إلى ميزانية زمنية، تمتد إلى الأجل الطويل حتى يمكن تحقيق بعض النتائج، فأى استراتيجية تربوية جديدة تحتاج إلى قدر من الوقت على المدى الطويل حتى تؤتى بعض الثمار الإيجابية. نحن فى مرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة «ما بعدية»، تتداخل فيها مجموعة من أنظمة التنشئة الاجتماعية التسلطية، والتنشئة الدينية التسلطية، وفيها تشكلات جديدة دور حول الحرية، والنقد، وحقوق الإنسان، وحرية التدين والاعتقاد، ومجال عام رقمى يتسم بحريات بلا حدود، عمليات تشكل سريع للفردانية والفرد فى المجتمع المصرى.
تلك الثورة الرقمية تسرع من عملية ميلاد الفرد فى مصر، صحيح أن هناك أفرادًا صنعوا أنفسهم بأنفسهم، أو من خلال قنوات وأساليب مختلفة، لكن على الأقل الفرد الآن فى طور الميلاد المتسارع فى المجتمع المصرى، وهذه النقطة تعد مهمة، لأن صياغة أى سياسة تربوية، أو تعليمية، تقوم على التفكير النقدى، لا بد لها من وجود الفرد، وأى فرصة لبعث وتشكل الديمقراطية الكاملة، تحتاج لوجود الفرد والنزعة الفردانية فى المجتمع، وهى تتشكل بوتيرة سريعة فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير.
■ هل لديك كتاب جديد تقوم بإنجازه خلال الفترة الحالية فى هذا الصدد؟
أنجزت بالفعل الطبعة الثانية من كتاب «تجديد الفكر الدينى»، بعد أن أضفت إليه الكثير من الفصول والمحاور، وسيُنشر خلال الفترة المقبلة صادرًا عن دار بتانة للنشر.
■ ما الفرق بين الموضوعات التى تناولتها فى طبعتى كتابك؟
أكدت فى الطبعة الأولى للكتاب أن تجديد الفكر الإسلامى هو تجديد أولى فى بنية العقل الإسلامى، يرمى إلى إحداث تحولات فى نظم التفكير، والمقاربات المنهجية، وآليات التفكير، والبحث، والمقارنة، تستهدف إعادة النظر فى بنية الموروثات الفقهية والإفتائية، وذلك بهدف تطوير وتجديد العلوم الإسلامية النقلية والكلامية، وإعادة النظر فى دراسة هذه العلوم من منظورات متعددة، والسعى إلى مقاربتها تاريخيًا، وسوسيو ثقافيًا، وسياسيًا.
وكانت تلك المحاولة التجديدية ترمى إلى طرح الأسئلة، والإشكاليات الجديدة، ومسألة الإجابات القديمة، بهدف تحريك الجمود العقلى والنقلى، ومواجهة أسئلة العصر المُعولَم، وما بعد الحديث، وما بعدهما، من خلال الاجتهاد العقلى، والشرعى، والفلسفى، والسياسى. كما أننى أشرت فيها إلى بعض الأسباب التى أدت إلى جمود الفكر والخطابات الدينية، ومنها التأثر بالفقه الوهابى والسلفيات الأخرى فى أعقاب ثورة عوائد النفط، ونظام الإعارات لبعض الأزهريين إلى الجامعات العربية النفطية. أما الطبعة الثانية فهى تعالج بعض المفاهيم الجديدة من منظور مختلف.
■ ما البواعث التى دفعتك إلى إضافة فصول جديدة إلى الكتاب؟
موضوع تجديد الفكر والعقل الدينى الإسلامى كان ولا يزال أحد شواغلى البحثية منذ كتابى الأول «المصحف والسيف.. صراع الدين والدولة فى مصر»، فى أوائل ثمانينيات القرن الماضى، وافتتاح مشروعى البحثى أولى أهمية كبرى للدين والدولة، وبنية الموروث النقلى الوضعى، وتأويلاته الفقهية والكلامية، والأسباب التاريخية والمنهجية السائدة فى مدارس الفقه والكلام الإسلاميين، والتى تعيد إنتاج الأسئلة والمفاهيم والمقولات الموروثة داخل كل مذهب ومدرسة فى واقع تاريخى مختلف ومغاير. هذا عن الباعث الأول. أما الباعث الثانى، فهو معرفة أسباب توارث الجماعات الإسلامية السياسية لبعض هذه الاتجاهات الفكرية، وتبنيها لها، دون اجتهاد أو مراجعات، والبحث فيما وراء النزعة التأويلية المحافظة أو المتشددة، وانتقائيتها، واستخداماتها الإيديولوجية من بعض هذه الجماعات، وتوظيفها لهذا الانتقاء الفكري التأويلي المنتزَع من سياقاته، من أجل أن يعبر عن مصالحها في الانقلاب المسلح على السلطات الحاكمة العربية.
وفى السعي إلى التوغل المجتمعي الكبير عبر أساليب التجنيد، والعنف، وتغيير أنماط القيم والسلوك اليومي. والباعث الثالث هو التغيرات الكونية الكبرى في إطار الثورة التكنولوجية الرابعة وما تطرحه من تحديات على العقل العربي بشكل عام، والعقل الديني بشكل خاص، ومحاولة البحث في إمكانيات استخدام بعض المناهج الحداثية وما بعدها في العلوم الاجتماعية لدراسة أزمات الفكر الديني.
■ هل يمكن «عصرنة» الفكر والمقولات التي يقدمها الأزهر الشريف؟
مؤسسة الأزهر الشريف لم تكن على مدار التاريخ كتلة فكرية صمَاء، وإنما لعبت أدوارًا تاريخية في مواجهة الاستعمار الغربي، وفى الدفاع عن الهوية الوطنية المصرية، ونستطيع القول إن بعض علماء الأزهر الشريف تفاعلوا مع تحديات التحديث والحياة العصرية من خلال الاجتهاد، والتأويل، ومحاولة تحديث الفكر الإسلامي، والإجابة عن أسئلة وإشكاليات التغير الاجتماعي التحديثي.
كما أننا نستطيع أن نؤكد دون شك أن تجارب التجديد في الفكر الديني وعلم الكلام جاءت من قلب علماء الأزهر الشريف، وعلى رأسهم الرواد الشيخ خليفة المنياوي، واضع أول تقنين مدني على المذهب المالكي في أيام إسماعيل باشا، ثم المشايخ الكبار ومنهم محمود شلتوت، ومحمد عبدالله دراز، وعبد المتعال الصعيدي، ومحمود بخيت، ومن قبلهم الشيخ مصطفى المراغي تلميذ الشيخ محمد عبده، وآخرون.
وهناك أيضًا الاتجاه الليبرالي الإسلامي الذى مثله وفق بعض المؤرخين العميد طه حسين، وأحمد أمين، وعلى عبدالرازق، ومصطفى عبدالرازق، ثم المدارس التاريخية التى حاولت استخدام مقاربات منهجية فى العلوم الاجتماعية الحديثة لأجل دراسة التاريخ الإسلامى ومدارسه الفقهية والكلامية، ومنها على سبيل المثال مدرسة الدكتور عبدالمجيد الشارفى وغيره فى تونس، ومحمد عابد الجابرى، وعبدالله العروى، وآخرون فى المغرب، ومحمد شحرور، والطيب تيزينى فى سوريا، والجزائرى الفرنسى محمد عبدون، وهى محاولات بغض النظر عن مدى توفيقها أو إخفاقها، إلا أنها تشير إلى أن البعض حاول طرق باب الاجتهاد الفكرى فى بحث أزمات التجديد تاريخيًا.
■ هل يمكن تجديد الفكر الدينى «من الداخل»؟ وهل هى مهمة رجال الدين المتواجدين بدوائر الدولة الرسمية بالأساس؟
الوضعية الراهنة للجمود النقلى، بالإضافة إلى شيوع النزعات المتطرفة العنيفة والإرهابية وتعقيدها تشير إلى أنه من الصعوبة بمكان، لأسباب فكرية ومنهجية، أن تقتصر عملية التجديد فى الفكر على علماء دين فقط، أو على المؤسسات الدينية الرسمية، وإنما هى إشكاليات تتطلب فتح باب الاجتهاد وفق ضوابطه أمام جميع الباحثين والمفكرين ورجال الدين جميعًا، لا سيما ذوى النزعة الاجتهادية ممن يمتلكون المخزون المعرفى والأدوات والمنهجية التي تسمح لهم بدرس وتحليل الأزمة سعيًا وراء إيجاد تصورات جديدة.
(البوابة نيوز)
بعد عودته للقاهرة.. هل يفتح «رامي جان» خزائن أسرار الإخوان؟
في مفاجأة من العيار الثقيل، وجه الناشط القبطي، رامي جان، صفعة قوية لتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، بعدما عاد إلى القاهرة، في ظروف غامضة حتى الآن، رغم التويتات الغاضبة والساخرة في آن واحد، على حسابه بموقع تويتر، والتي تلخص جزءا من الأزمة، التي ستكشف عنها بكل تأكيد الأجهزة الأمنية في الساعات القادمة.
عاد «جان» من إسطنبول، وخلفه عشرات التساؤلات؛ فالشاب الذي رفع رايات النزاع ضد كل مكونات المجتمع المصري، بما فيها الكنيسة نفسها، بسبب الإخوان، بداية من وقوفه على منصة رابعة العدوية، وحتى سفره واستغلال عقيدته المسيحية، في الإيحاء بحلفاء وهميين للإخوان في صراعها مع الدولة المصرية.
عاد بعد القبض عليه إثر مشاجرة مفتعلة في تركيا، والغريب أن جميع الأقطاب المتحالفة ضد الدولة بالخارج، لم تقف بجانبه، وتركوه في السجن، ليعود إلى القاهرة التي اختارها بعد ترحيله من إسطنبول، ليثير الخوف والرعب في صفوف الجماعة وأربابها، خصوصا بعد التغريدات المتتالية له، والتي توعد فيها بفضح كافة ملفات الخونة كما وصفهم.
وأضاف: «المصريون لا يعرفون الخيانة، وكل الإساءة التي تعرضت لها سوف ترد إليكم، مردفا: عامين من الإساءة، والتخوين، وأقولها علنا، كل من أساء إلى رامي جان سوف ترد إليه الإهانة من أصغركم إلى أكبركم، فكونوا مستعدين»، وتابع: «كنت أتمنى أن أكون في تلك اللحظة ظابط بالمخابرات المصرية، فقط لأبتسم في كل الوجوه بعد عامين من الانتهاكات».
أزمة "جان" ستكشف بالطبع، الكثير من كواليس أزمة قناة الشرق، وصراع أيمن نور والعاملين بالقناة، خصوصا أن رامي، كان أحد المقربين من نور، ولم يتخذ موقفا مناوئا له، بل كان من الداعمين له، وهو ما يزيد الموقف غموضًا، ويضع العربة أمام الحصان لمعرفة القصة الحقيقة، التي دعت الأحداث تتطور بهذا الشكل، لتعود أحد أهم الأوراق التي اعتمدت عليها الجماعة ما بعد عزل مرسي، في المحافل الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، للإيحاء بأن شريحة ليست هينة من الأقباط تؤيدهم، والدليل دائما كان «رامي جان».
الأيام القادمة حتما ستكشف عن الكثير، عن السيناريو الردئ للأحلاف الوهمية في الخارج، ضد الدولة المصرية؛ قبل أشهر كان طارق عبد الجابر، والآن رامي جان، وغدا سيكون المزيد والمزيد.
(فيتو)
«قطان» لـ«شيخ الأزهر»: نقدر دوركم فى مواجهة التطرف
استقبل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أمس، أحمد قطان، سفير المملكة العربية السعودية فى نهاية فترته الدبلوماسية بالقاهرة.
وهنأ شيخ الأزهر، السفير قطان بمناسبة تعيينه وزيرًا لشؤون الدول الأفريقية بمرتبة وزير بخارجية المملكة، مؤكدًا أن الفترة التى قضاها سفيرا لبلاده بالقاهرة شهدت تعزيزًا كبيرا للعلاقات الثنائية بين مصر والسعودية، وتنسيقًا بين البلدين فى القضايا العربية والإسلامية، كما شهدت توثيق التعاون بين الأزهر والسعودية فى إطار السعى المشترك لتصحيح المفاهيم ومواجهة الأفكار المتطرفة.
وأعرب «الطيب» عن عميق شكره لدعم المملكة للأزهر الشريف بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى عهده سمو الأمير محمد بن سلمان من خلال ترميم الجامع الأزهر والعمل على بناء مدينة متكاملة للبعوث الإسلامية للطلاب الوافدين، موضحًا أن ما قدمته المملكة يؤكد إدراك قيادتها الحكيمة لأهمية دور الأزهر الشريف ورسالته الوسطية فى نشر علوم الدين والتعبير عن صحيح الإسلام، مشيدًا بالدور الكبير للمملكة فى دعم مصالح الأمة العربية والإسلامية والدفاع عن قضاياها. وقدم «قطان» خالص الشكر والتقدير لدعم شيخ الأزهر له خلال فترته الدبلوماسية بمصر، مؤكدًا أن العالم أجمع شهد على جهود الإمام الأكبر فى تعزيز السلام ومواجهة خطاب العنف والتطرف، من خلال دعواته المنادية بالسلام للعالم أجمع وتعزيز الحوار بين المؤسسات الدينية.
(المصري اليوم)
«داعش» يتبنى هجوماً انتحارياً في عدن
أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم، وقدِّر عدد القتلى بسبعة. فيما نجا قائد الشرطة العسكرية في محافظة تعز العميد جمال الشميري من محاولة اغتياله أمس، أثناء مرور موكبه في منطقة وادي القاضي وسط المدينة.
وأوضح مصدر في وزارة الداخلية اليمنية أن «هجوماً بسيارة مفخخة قادها انتحاري استهدف مبنى يضم مطبخاً تابعاً لقوات الحزام الأمني في منطقة الدرين في مديرية الشيخ عثمان شمال عدن». وشدد على ضرورة رفع اليقظة الأمنية إلى أعلى درجاتها.
وتضاربت الأنباء حول عدد القتلى، ففي حين ذكرت مصادر أنهم سبعة، أكد المصدر الحكومي أن «الهجوم أوقع ثلاثة قتلى و35 جريحاً بينهم طفل، وتسبب بأضرار مادية في المباني المجاورة». وقال المسؤول الطبي في قوات «الحزام الأمني» ثائر أبو ناصر لوكالة «فرانس برس»، إن «عدد القتلى بلغ ستة، بينهم طفل».
وبث «داعش» صورة لشاب على موقع «أعماق»، أشار إلى أنها لمنفذ الهجوم ويدعى «حمزة المهاجر».
وفي أول تصريح له بعد محاولة اغتياله، قال العميد الشميري: «سنضبط الأمن من قصر صالة انتهاء ببير باشا» (مناطق في تعز). وأضاف لموقع «اليمن العربي»: «ما حصل اليوم من استهداف لقيادة الشرطة، نعتبره عملاً عرضياً وليس منظماً».
من جهة أخرى، قال نائب الناطق باسم الجيش اليمني في تعز عبد الباسط البحر، إن «قذيفة أطلقها الحوثيون سقطت على المستشفى العسكري (في المدينة)، وأدت إلى إصابة 11 مواطناً» بجروح.
وأحبط الجيش فجر أمس هجوماً بحرياً للحوثيين على مدينة الخوخة، بواسطة ثلاثة زوارق صيد جنوب الحديدة. وأكدت مصادر لموقع «سبتمبر.نت» أن جميع عناصر الميليشيات قتلوا بعد تدمير الزوارق. وأشارت تقارير إلى أن ثلاثة صواريخ أطلقها الحوثيون أمس سقطت في أحياء مدينة حيس، وأدت إلى تدمير منازل، من دون سقوط إصابات بشرية.
ونفى الناطق باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي لقناة «روسيا اليوم»، سيطرة الحوثيين على نقاط عسكرية سعودية، وذلك تعليقاً على بث الميليشيات فيديو ادعت أنه «لعملية اقتحام نقطة تابعة للجيش السعودي في جازان».
الأمن العراقي يكثّف البحث عن جيوب «داعش»
كثّفت قوات الأمن العراقية لليوم الثالث على التوالي عملياتها العسكرية التي أطلقتها جنوب غربي محافظة كركوك لملاحقة خلايا «داعش»، وأعلنت تطهير بعض القرى واعتقال بعض المشتبه بهم. وأفادت قوات «الحشد الشعبي» في بيان بأن «القوى الأمنية انطلقت صباح اليوم (أمس)، مع خلية الصقور لاستكمال عمليات ملاحقة فلول داعش جنوب غربي كركوك». وأكد البيان أن «القوات المشتركة تتقدم ضمن الخطط المرسومة للقضاء على بقايا داعش في قاطع الحويجة ناحية الرياض جنوب غربي كركوك». وكشف أن «القوات المشتركة عثرت على ثلاثة أنفاق مع أحزمة ناسفة، إضافة إلى اكتشافها ثلاثة مراكز تابعة للتنظيم»، مشيراً إلى أن «قوات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي نجحوا في تطهير 16 قرية وتدمير مراكز وأنفاق ومستودعات للأسلحة تابعة لداعش». وقال الناطق باسم فرع الشمال في «الحشد» علي الحسيني أن «العملية الأمنية التي انطلقت منذ الأحد الماضي مستمرة حتى تطهير قرى ناحية الرياض جنوب غربي كركوك»، لافتاً إلى أن «القوى الأمنية تمكنت من اعتقال مشتبه بهم والتدقيق في هوياتهم»، مؤكدا «الإفراج عن من لم يتورط مع داعش».
وأعلنت الشرطة الاتحادية تفتيش قرى في الحويجة للبحث عن عناصر داعش. وأفاد قائد الشرطة رائد شاكر جودت في بيان بأن «قوات الشرطة الاتحادية تنفذ عمليات تفتيش وتمشيط في قرية السعدونية ووادي أم الخناجر، ووادي زغيتون وقرية الكبة الرفاعية وناحية الرشاد وناحية الرياض وداقوق».
إلى ذلك، قال مصدر أمني لـ «الحياة»، إن «مسلحين مجهولين يعتقد أنهم ينتمون إلى داعش أقدموا على تفجير جامع المصطفى على الطريق الرابط بين كركوك وتكريت». وأوضح المصدر أن «المسلحين تسللوا إلى المنطقة، وفجروا الجامع الذي يقع على بعد 5 كيلومترات شرق تقاطع الفرسان الواقع في ناحية العلم شرق مدينة تكريت». وكشف أن «التفجير أدى إلى إلحاق أضرار مادية بالجامع، من دون وقوع أي خسائر بشرية».
وفي الأنبار، قتل أربعة عناصر من «داعش» بينهم قيادي بارز بقصف جوي غرب مدينة الرمادي. وأفاد مصدر أمني بأن «طيران الجيش قصف وكراً لعناصر التنظيم بعد رصد تحركاتهم في صحراء قضاء الرطبة غرب مدينة الرمادي، ما أدى إلى مقتل الإرهابيين».
كما كشف مصدر أمني لـ «الحياة» أن «القوات العراقية أحبطت محاولة تسلل لعناصر من داعش في قضاء الشرقاط شمال محافظة صلاح الدين».
(الحياة اللندنية)
"أطفال الدواعش".. خلايا إرهابية نائمة بدرجة ضحايا
يبدو أن الأطفال باتوا كلمة السر في عودة تنظيم "داعش"، ليس فقط، لأنهم يشكلون خلايا نائمة مستمرة لعقود من الزمن، وإنما أيضًا، لأنهم حجر الأساس في استمرار أفكار التنظيم، وانتشارها، بالنظر إلى اقتداء الأطفال ببعضهم البعض، ومسارعتهم إلى تقليد ما هو غريب، وعنيف في بعض الأحيان.
ولعل ما يخدم التنظيم أن الحكومات لا تزال عاجزة عن وضع حلول جذرية لمشكلة "أشبال الخلافة المزعومة"، بعد نجاحها في إلحاق هزائم عسكرية بداعش على الأرض، بجانب أنها لا تستطيع محاكمتهم لصغر سنهم، ولن تنجح في إعادة تأهيلهم بسهولة، في ضوء ما هو متعارف عليه من أن "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر"، ولذا هناك صعوبة بالغة في محو الأفكار المتطرفة، التي تم زرعها في عقول آلاف الآطفال، عن طريق آبائهم الإرهابيين.
وجاءت إدانة أحد المعلمين البريطانيين في 2 مارس بتهمة تجنيد أطفال دواعش، لتزيد من حجم المأزق، الذي يواجهه العالم، لأنها أظهرت بوضوح أن التنظيمات المتشددة اخترقت أيضًا بعض المدارس الخاضعة لرقابة الحكومات، وأنها لن تتوانى عن فعل أي شيء لتحقيق أهدافها الإرهابية.
ويبدو أن الحروب، التي شنها التحالف الدولي ضد "داعش"، سواء في سوريا أو العراق، وفرت أيضا مخزونا إضافيا من "الأطفال الإرهابيين"، لأن هذه الحروب سببت دمارا واسعا، وشردت آلاف الأسر والعائلات، دون مأوى، ما يساعد فلول التنظيم في تجنيد المزيد من العناصر المتطرفة.
ولعل تتبع مراحل إعداد الأطفال الإرهابيين يزيد أيضًا من قتامة الصورة، إذ يتعمد داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، قتل براءتهم، على مرحلتين، الأولى، تقوم على زرع الحقد وكره الآخر في نفوسهم، فيما الثانية تركز على عرض مشاهد قتل وذبح أمامهم، وتدريبهم على استخدام الأسلحة.
ويبقى الأمر الأخطر، وهو قيام الإرهابيين بتبرير الجرائم الوحشية من منطلق ديني، ومحاولة تشويه معتقدات الدين الإسلامي في عقول الأطفال، لضمان استمرار الأفكار المتطرفة السامة لعقود، وإجهاض كافة محاولات الحكومات والأطباء النفسيين، لتخليصهم منها، وهذا ما ظهر بوضوح في واقعة المدرس البريطاني، عمر أحمد حقي، الذي عرض فيديوهات على الأطفال تتضمن "مشاهد عنف، كما جعلهم "يمثلون دور إرهابيين" يطعنون ضباط شرطة.
وحسب الشرطة البريطانية، فإن حقي (25 عامًا) حاول دفع أعداد كبيرة من الأطفال إلى التطرف، من أجل استغلالهم في ارتكاب "هجمات ضد أهداف في لندن".
وأدانت محكمة أولد بايلي في لندن في 2 مارس حقي بتهم استغلال عمله في إحدى المدارس شرقي بريطانيا، ليعمل على تجنيد "جيش" من الأطفال بهدف "شن هجمات إرهابية".
وقال دين هايدون رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة لندن:"كان حقي رجلا خطيرًا، أراد أن يدبر عدة هجمات في وقت واحد تستخدم فيها الأسلحة النارية والخناجر والقنابل والسيارات الكبيرة لقتل أناس أبرياء".
وأضاف "استعدنا عددا من كتب التدريب من منزله، وكان واضحًا من ملاحظاته التي دونها أن خطته كانت طويلة الأمد".
وتابع هايدون "حقي اعتزم تنفيذ خطته بعد سنوات، في الوقت الذي قدّر فيه أنه سيكون قد انتهى من تدريب وامتلاك جيش من الجنود، بينهم أطفال".
واستطرد "عندما استجوب ضباط متخصصون الأطفال، تحدثوا عن قيام حقي بعرض فيديوهات عنف أمامهم، بما في ذلك مشاهد إعدام".
وأضاف "الأطفال أبلغوا الشرطة أيضا كيف طلب منهم حقي لعب دور إرهابيين ورجال شرطة، والأطفال الذين يمثلون دور الإرهابيين عليهم أن يطعنوا ضباط الشرطة حتى الموت".
وأشار المسئول البريطاني إلى أن حقي هدد الأطفال بأن مصيرا عنيفا ينتظرهم إن هم أخبروا أحدا ما الذي يفعله.
وحسب "رويترز"، تتعرض هيئة الرقابة على المدارس البريطانية "أوفستيد" لانتقادات شديدة، لأن المدرسة، التي كان يعمل بها حقي، حصلت على تصنيف "ممتاز"، بعد جولة تفتيش قامت بها الهيئة هناك.
وكانت هيئة "أوفستيد"، أجرت في 2015 تحقيقا شمل 21 مدرسة في مدينة برمنجهام وسط بريطانيا، وأظهر أن بعض المدارس بالمدينة استعملت مناهج دراسية وضعت من منظور متطرف.
وأشار التحقيق حينها إلى وجود شخصيات بارزة داخل بريطانيا دعمت جهودا لترسيخ مال سمته "التشدد الإسلامي" في تلك المدارس، أو أنهم تعاونوا بطريقة غير مباشرة من خلال عدم رفضهم لتلك التوجهات داخل تلك المدارس، التي يشرفون عليها.
ذعر أوروبي
وتتوالى التقارير الأوروبية، التي تكشف أمورًا صادمة حول "الأطفال الدواعش"، ففي 13 نوفمبر 2017، نشرت شبكة "يورو نيوز" تقريرًا للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، حول مشكلة المقاتلين الدواعش العائدين.
وأظهر التقرير أن هناك نقطة في غاية الخطورة في مشكلة العائدين، هي الأصعب بالنسبة للدول للتعامل معها، وهي شريحة الأطفال والمراهقين، الذين انضموا إلى "داعش" عبر الإنترنت، أو بعض الأطفال، ممن وُلدوا في دولة الخلافة المزعومة، لأب أو أم يحملون جنسية إحدى الدول الأوروبية.
وحسب التقرير، فإن التعامل مع هؤلاء الأطفال يتطلب، وبشكل عاجل استحداث آليات للسلامة العقلية والدعم الاجتماعي، لأن بعضهم دربوا على حمل السلاح والقتل، وخلص إلى القول:" إن أحد أصعب الأمور هو إعادة تأهيل الأطفال، الذين جندتهم الجماعات المتطرفة، فولاؤهم شبه مطلق للإرهابيين".
وفي مطلع فبراير الماضي، قال رئيس جهاز المخابرات الداخلية الألمانية هانز جورج ماسن، إنه يريد من حكومة بلاده، إعادة النظر في القوانين، التي تفرض قيودًا على مراقبة القُصر، لمواجهة خطر أطفال المقاتلين المتشددين، الذين يعودون إلى البلاد على شكل "خلايا نائمة"، قد تنشط في أي وقت.
وأبلغ ماسن "رويترز"، بأن مسئولي الأمن يتأهبون لعودة مقاتلين من تنظيم داعش إلى ألمانيا مع أطفالهم الذين يحتمل أن يكونوا تعرضوا لـ"غسل المخ".
وتابع "قرابة ألف شخص غادروا ألمانيا للانضمام إلى تنظيمات متشددة، ومع هزائم داعش في الشرق الأوسط، يعود البعض من هؤلاء مع أفراد أسرهم".
وأشار ماسن إلى أن 290 رضيعا وطفلا رحلوا من ألمانيا أو ولدوا في سوريا والعراق، عادوا إلى ألمانيا، ولا يزال كثير منهم على الأرجح في الشرق الأوسط، أو ربما انتقلوا إلى أفغانستان مثلا، حيث لا يزال داعش هناك قويا.
واستطرد "الأطفال الذين تربوا مع داعش تعرضوا لغسيل مخ في مدارس التنظيم وحضاناته، تعرضوا في سن مبكرة لأفكار متطرفة وتعلموا القتال، وفي بعض الأحيان أجبروا على تنفيذ هجمات".
وأوضح أن مسئولي الأمن الألمان يعتقدون أن مثل هؤلاء الأطفال قد ينفذون هجمات عنيفة في ألمانيا في وقت لاحق، مضيفًا "هؤلاء الأطفال قد يكونون قنابل موقوتة تمشي على قدمين".
وخلص ماسن إلى القول:" إن على ألمانيا مراجعة القوانين، التي تقيد مراقبة القُصر تحت سن 14 سنة، تحسبًا لاحتمال قيام أطفال، ربما لا تتجاوز أعمارهم التاسعة، وتربوا في أحضان داعش، بتنفيذ هجمات داخل البلاد".
وفيما تسارع الدول الأوروبية الخطى لمواجهة خطر الأطفال الدواعش العائدين، يكثف التنظيم من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد المزيد من الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى أساليبه المعتادة في تجنيد الأطفال في مناطق القتال، إذ قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "داعش" في سوريا والعراق كان يتعمد تجنيد الأطفال في المرحة العمرية ما بين 13- 17 عامًا، كما عمل على إغرائهم بالمال والهدايا، للالتحاق بدوراته للتدريب، وفي الوقت عينه، قام التنظيم بترهيب أسر أولئك الأطفال.
وأضافت الوكالة، أن خطة داعش تقوم على إرسال الأطفال بعد انتهاء دوراتهم التدريبية لتنفيذ عمليات انتحارية، أو تركهم ينضجون لمرحلة مستقبلية، أو زرعهم كخلايا نائمة، تهدد بظهور جيل من الدواعش في المستقبل، أكثر تطرفًا ودموية من الجيل الحالي.
وبصفة عامة، فإن الحرب على الإرهاب ركزت على استهداف البنية القتالية للتنظيمات المتشددة، وأغفلت أمورًا أخرى تغذي الإرهابيين، وتضمن استمرارهم لعقود، وهي الأفكار المتطرفة في عقول الأطفال، ما جعل "أشبال الخلافة المزعومة"، قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
ويبقى الأمل معقودًا على احتمال ابتكار علاج نفسي غير تقليدي، لإنقاذ الأطفال من براثن الإرهاب، فهل تنجح تجربة العراق في استخدام الرسوم والألوان لمواجهة التطرف؟
الرسوم والألوان.. روشتة سهلة للعلاج
في محاولة لمواجهة خطر الأطفال الدواعش قبل فوات الأوان، لجأت الحكومة العراقية لعدة خيارات لإنقاذهم من براثن الإرهاب، كان أبرزها، استقبالهم في مراكز إيواء، والاستعانة بالرسوم والألوان لمواجهة أفكارهم المتطرفة.
ففي 8 فبراير، أكدت وزارة العمل والشئون الاجتماعية العراقية، أنها استقبلت العديد من أطفال الدواعش من الأيتام في مراكز إيواء تابعة للدولة.
وقال معاون مدير دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الوزارة عامر الموسوي في بيان نشره موقع "عين العراق نيوز"، إن "دور إيواء تابعة لوزارة العمل استقبلت الأطفال الدواعش من عمر يوم واحد إلى 18 سنة"، لافتا إلى "وجود دور إيواء حسب الفئات العمرية للإناث والذكور في بغداد والمحافظات".
وأشار الموسوي إلى وجود أكثر من 50 طفلا داعشيا حاليًا في دور إيواء، وأن هناك تنسيقًا مع الجهات الرسمية للتعرف على ذويهم من خلال الفحوص المختبرية DNA.. وتابع أن "أطفال الدواعش تم دمجهم في دور الإيواء استنادًا إلى أوامر قضائية"، مضيفًا أن"الوزارة كلفت باحثين اجتماعيين بدراسة حالات أطفال الدواعش واستطاعت الحد من حد التأثير السلبي، الذي غرسه التنظيم الإرهابي في عقولهم، حسب تعبيره.
وبجانب ما سبق، اتجهت الحكومة العراقية وبمساعدة أمريكية إلى أسلوب الرسومات لإعادة تأهيل الأطفال الدواعش، وقال تيري وولف، مساعد المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى التحالف الدولي لمحاربة داعش، إنه يوجد في مخيم "روانكة" في شمال العراق أكثر من 1000 طفل كانوا يتبعون التنظيم الإرهابي، وهذا العدد كبير للغاية خاصة، أنهم يمثلون خطرا كبيرا بسبب النزعة الإرهابية، التي ترعرعوا عليها طوال السنوات الماضية، موضحًا أنه يتم حاليًا تأهيل هؤلاء الأطفال بشكل نفسي كبير حتى يصلحوا للعيش كأي شخص طبيعي.
وأضاف وولف على هامش أحد مؤتمراته الصحفية في العراق بداية هذا الشهر، أن الولايات المتحدة خصصت لجانًا اجتماعية معينة ليتم تأهيل هؤلاء الأطفال بشكل جيد وصحيح، فبدأت بتأهيلهم عن طريق الرسومات، لكنها فوجئت بطابع الإرهاب والعنف يغلب على رسوماتهم، حيث رسموا صور أحزمة وقنابل وعبوات ناسفة.
وأشار المسئول الأمريكي إلى أن اللجان الخاصة بتأهل الأطفال الدواعش لم تكف عن محاولة علاجهم نفسيًا، على الرغم من الرسومات العنيفة التي يرسمونها، وستحاول علاجهم بنفس الطريقة، لأن الرسم من أسهل الطرق التي تجعل الإنسان يعبر عما بداخله، ومع الوقت والممارسة وطريقة المعاملة، التي يتلقونها من قبل المعالجين النفسيين، سيتغير هؤلاء الأطفال إلى الأفضل، حسب تعبيره.
وبدوره، قال الطبيب النفسي العراقي نايف جوردو القاسم، الذي يعالج الأطفال في مخيم روانكة للاجئين في شمال العراق، إن "الأطفال الدواعش ضحايا لا مجرمون ويجب التعامل معهم على هذا الأساس".
ونقلت جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية في 10 مارس عن قاسم، قوله:"إنه في بداية الأمر، واجه العاملون في مركز القاسم، الذي يديره، صعوبة بالغة في التعامل مع أطفال الدواعش، خاصة أن أغلبهم كانوا لا يرغبون في الاستجابة للعلاج النفسي، بالإضافة إلى أنهم يريدون الانتقام من الجيش العراقي، ولكن مع مرور الوقت بدأوا يستجيبون تدريجيًا للعلاج النفسي، الذي يقدمه المركز".
ويعتبر مركز "القاسم"، أول مركز عراقي للعلاج النفسي وإعادة تأهيل الأطفال الدواعش، حيث بدأ المركز عمله منذ ستة أشهر وقام بعلاج نحو 123 طفلا ما بين الإناث والذكور، وجميعهم لا يتخطون الثمانية عشرة.
أطباء نفسيون: ثلاثة أمور لإعادة أطفال "داعش" أسوياء
أكد عدد من الخبراء في مصر، أن الأطفال التابعين لتنظيم داعش غير أسوياء ويحتاجون إلى علاج نفسي وإعادة تأهيل بشكل سريع، لأنهم بمثابة قنبلة موقوتة.
وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إنه يوجد عدد كبير من الأطفال الدواعش لأن الكثير من النساء اللاتي التحقن بالتنظيم وتزوجن بمقاتليه أنجبن منهم، كما أن بعضهن ذهبن حوامل إلى العراق أو سوريا واصطحبن معهن أطفالهن.
وأضاف فرويز في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال داعش بعد مقتل الكثير من آبائهم الإرهابيين، في حاجة ماسة إلى علاج نفسي ضخم لكي يعودوا إلى الحياة الطبيعية، ويستطيعون التعامل بسلمية مع المجتمع، خاصة أن آباءهم الإرهابيين علموهم مفاهيم متطرفة، وجعلوهم يرون مشاهد القتل والدمار والذبح والإرهاب، وزرعوا داخل نفوسهم الإرهاب، لذلك إذا لم يتم علاجهم بطريقة صحيحة، لن يكونوا أسوياء، وسيشكلون خطورة كبيرة على المجتمع.
وأشار الطبيب النفسي، إلى أن أي إنسان طبيعي يحتاج إلى المأكل والملبس ومكان للنوم، ثم يأتي الأمر الثاني، وهو توفير الأمان له، والأمر الثالث هو توفير العمل وتوفير أدوات العمل والإبداع في العمل، وكل هذه الأمور يجب توفيرها للإنسان حتي ينشأ تنشئة سوية، وفي حال عدم توافرها، سيكون إنسانا عنيفا وإرهابيا، وهذا الأمر حدث مع أطفال تنظيم "داعش"، لذلك يجب أثناء فترة التأهيل النفسي لهم، أن يتم توفير هذه الأمور لهم، حتى لا يشعرون بأي نقص.
وأضاف "فرويز"، أن الأطفال وأبناء عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي ليس لهم أي ذنب فما حدث، لأن أي أنشان يولد ولا يختار الأب والأم ولا المستوى الاجتماعي ولا الظروف، لذلك هؤلاء الأطفال ضحية ولابد التعامل معهم على هذا الأساس حتى يتم تنشئتهم تنشئة سليمة، خاصة أن آباءهم العناصر الإرهابية التي كانت في التنظيم قاموا بغسيل مخ لهؤلاء الأبناء.
وتابع "هؤلاء الأطفال لا يعتبرون بشرا وهم هيكل إنسان، لأنهم لا يمتلكون أي نوع من أنواع الأمان، فهم منبوذون من قبل الشعوب التي حدثت على أراضيها الحرب على داعش، على الرغم أن هذه الشعوب تعلم أن هؤلاء الأطفال ضحية".
وأشار فرويز إلى أنه يجب الإسراع في عمل مركز تأهيل لهؤلاء الأطفال من أجل إعادة تأهليهم، فهؤلاء الأطفال يعانون الآن من أمراض نفسية خطيرة للغاية، وقد تؤثر تأثيرًا سلبيًا على المجتمع.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور هاشم بحري، استشاري الطب النفسي، إن الأطفال الدواعش يعانون من شيء يدعي "كرب الصدمة"، وهذا المرض النفسي عبارة عن أزمة نفسية أو صدمة كبرى تأتي للأطفال وللشباب بسبب الحروب، وهذا المرض أًصيب به أطفال تنظيم داعش، لأن آباءهم الإرهابيين كانوا يتعمدون إشراكهم في المعارك الإرهابية التي يقومون بها، بل وكانوا يجعلونهم يشاهدون مناظر الذبح والقتل حتى يزرعوا في نفوسهم حب التطرف والإرهاب.
وأضاف "بحري" في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال تنظيم داعش هم الضحية الأولى للصراعات والحروب التي حدثت طوال السنوات السابقة، ويجب على الشعوب تبني مصير هؤلاء الأطفال، حتي لا يشكلون خطرًا على المجتمعات بسبب إرهابهم.
وأضاف الطبيب النفسي، أن الحل الوحيد لإنقاذ هؤلاء الأطفال هو أن يتم جمعهم في مراكز نفسية خاصة، وتأهيلهم بعيدًا عن الضياع الذي يعيشون فيه خاصة أنهم يشكلون عبئا كبيرا على المجتمعين السورى والعراقي.
وأشار، إلى أن الأطفال الدواعش يشكلون تحديًا كبيرًا أمام المجتمع الغربي، وذلك لأن أغلبهم من جنسيات أوروبية واندمجوا في صفوف التنظيم في السنوات الأخيرة، وهذا الأمر يضع العالم الغربي في مشكلة، وهي أن هؤلاء الأطفال من المحتمل أن يعودوا إلى أوطانهم الأصلية ويشكلون خطرا كبيرا.
وتابع الطبيب النفسي، أنه يجب عمل مراكز تأهيل في أسرع وقت سواء داخل العراق أو سوريا أو في الخارج لتأهيل هؤلاء الأطفال حتى يسترجعوا الثقة في نفوسهم من جديد، ويجب اختيار أفضل الأطباء من جميع أنحاء العالم لتأهيلهم للحياة الطبيعية، ويأتي الدور الثاني وهو دور الإعلام في جميع دول العالم لتوعية الناس بأن هؤلاء الأطفال قنابل موقوتة يجب الإسراع في ضمهم إلى المجتمع، وإذا لم يحدث ذلك، سوف يشكلون تنظيما إرهابيًا جديدًا.
وبدوره، قال الدكتور محمد هاني، استشاري صحة نفسية وعلاقات أسرية وتعديل سلوك الأطفال، إن أطفال تنظيم "داعش"، الذين عثرت عليهم القوات العراقية والسورية تحت ركام الحرب أثناء عمليات تحرير المدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم، نشأوا في بيئة غير سوية، وتربوا على أفكار العنف والقتل.
وأضاف هاني في تصريحات لـ"البوابة"، أن ذنب هؤلاء الأطفال في أعناق آبائهم، ويجب على الحكومات في كل مكان جمعهم في أماكن قابلة للعيش والراحة النفسية والتأهيل للحياة من خلال مراكز خاصة بالتأهيل، فهؤلاء الأطفال هم بذرة المستقبل ويجب أن تكون بذرة صالحة للحياة.
وأكد "هاني" ضرورة اختيار أماكن بعيدة عن ويلات الحرب، والاستعانة بأشخاص لا يعاملون هؤلاء الأطفال على أساس ذنب ذويهم، ويجب معاملتهم على أسس إنسانية سليمة.
ومن جانبه، قال جمال أبو ذكري، الخبير الاستراتيجي، إن الأطفال التابعين لتنظيم داعش يشكلون خطرًا أمنيًا كبيرًا على المجتمعات، لأنهم أبناء إرهابيين، وبالتالي تم التأثير عليهم بشكل سلبي، خاصة أن آباءهم عملوا لهم عمليات غسيل مخ بالكامل وزرعوا في عقولهم الأفكار المتطرفة والإرهابية.
وأضاف أبو ذكرى في تصريحات لـ"البوابة"، أنه لابد التعامل سريعًا مع هؤلاء الأطفال، حتى يتم السيطرة على إرهابهم، كما أنه لابد من وضع استراتيجية أمنية قوية للتصدي لخطرهم.
وأخيرًا، قال عبد الشكور عامر، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية والباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن أطفال تنظيم داعش يشكلون خطرًا أمنيًا كبيرًا على سوريا والعراق والبلدان التي من الممكن أن يلجأوا إليها.
وأضاف عامر في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال داعش عبارة عن جيل ثاني من التنظيم، وإذا لم يتم التعامل معهم بشكل جيد سيصبحون أخطر من آبائهم.
(البوابة نيوز)
جموح ثوري ضل طريقه نحو الإرهاب
عنف ثوري لتوصيل رسالة لا يدري المقاتل نفسه محتواها، وبعض الجهاديين كانوا بالأمس محسوبين على منظمات يسارية.
المسألة الفلسطينية مطية ركبها الجهاديون
لماذا يركّز الكثير من المراقبين على ظاهرة حجم نسبة الشبان التونسيين الملتحقين بالجماعات المقاتلة في بؤر الصراع والتوتر، ويتناسون نفس الوتيرة الملفتة التي كان ينضم فيها الشبان التونسيون إلى الفصائل اليسارية المقاتلة وسط المقاومة الفلسطينية واللبنانية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي؟ ألم تكن توصف معظم تلك الفصائل الماركسية بالإرهابية؟
الأحكام تغيّرت وشعارات وأسباب التجنيد والدعوة إلى القتال قد تغيّرت بطبيعة الحال، ونحو نقيضها في نظر الفكر اليساري على وجه التحديد، لكن حماسة الالتحاق استمرت وإن كانت بسوية أقل، وذلك لاعتبارات كثيرة تخصّ المرحلة وطبيعة الصراع وتوجه الوعي.
لكن هذا "التلهف" للتطوع والقتال ظل حالة تكاد تكون "تونسية المنشأ بامتياز" وبصرف النظر عن الحامل الأيديولوجي كما يقول بعض المحللين المغلّبين للعنصر الثقافي الجمعي والتاريخي على بقية العناصر الدعائية والظرفية المتعلقة بطبيعة المرحلة.
انضمام شبان متطوّعين في بلاد وأقاليم عربية معيّنة إلى جماعات مسلحة وفصائل مقاتلة في بؤر توتر وصراع، ومهما كانت البواعث، ليس أمرا جديدا ولا طارئا بل يمتد بجذوره إلى حقب قديمة، مما يستدعي أبحاثا ودراسات سوسيو تاريخية ونفسية وثقافية معقّدة ومتشعبة.
إن التدقيق في العقود الزمنية الثلاث الماضية، تمكّن من التثبت ومن ثمّ التأكد بأن الالتحاق بمنظمات “فدائية” مقاتلة، ليس مجرّد موسم مستجد، صنعته موجات دينية شبه موضوعية، رافقت بدورها أحداثا وتطوّرات إقليمية ودولية، وستزول بمجرد زوال مسبباتها بل يتعلّق بحالة من التوثب نحو القتال ـأي قتال ـ وبصرف النظر عن الأسباب والأهداف الظاهرة أو الباطنة، حتى أنّ الشعارات تبدو في معظمها مجرّد ذريعة للقتال وتلبية لحالة تعطش غامضة ومعقدة نحو نوع من العنف الثوري في سبيل توصيل رسالة لا يدري المقاتل نفسه محتواها علما أنّ بعض الجهاديين كانوا بالأمس محسوبين على منظمات يسارية.
إن التحاق شبان تونسيين مثلا، بفصائل مقاتلة في المشرق العربي ليس أمرا اعتباطيا، ولا هو مجرّد استجابة آلية ظرفية لدعوات النفير وحركات التجنيد ودعوات التجييش التي أطلقتها وتطلقها المنابر الإعلامية التابعة للشبكات الإرهابية بل يبدو وكأنه استمرار لتلك الأُهبة الدائمة نحو القتال مهما كانت الرايات التي يقف تحتها هؤلاء الشبان.
وتوخيّا لوجهي الدقة والحذر فإن موضوع التأهب للقتال لدى الشباب المتطوّع لا يهدف إلى غنيمة مادية واضحة كما هو الحال في المجتمعات ذات الثقافة القتالية عبر التاريخ، ولا هو دفع للاحتلال المباشر عبر النضال المسلّح كما هو معرّف في القواميس الوطنية بل بحث عن نوع من الخلاص كان مصدره قلقا يأخذ طابعا وجوديّا.
التحاق شبان تونسيين مثلا، بفصائل مقاتلة في المشرق يبدو وكأنه استمرار لتلك الأُهبة الدائمة نحو القتال مهما كانت الرايات التي يقف تحتها هؤلاء الشبان
وللتدليل على أن أسباب التحاق الشبان التونسيين بالعصابات المسلّحة لم تكن اقتصادية ولا عقائدية ولا أيديولوجية بحتة، فإن غيرهم من الشبان الأكثر فقرا وتديّنا وقمعا في المناطق المجاورة لم يلتحقوا بالجماعات المتطرّفة بنفس الكثافة والسوية والحماسة التي التحق بها أقرانهم من الشبان التونسيين.
السؤال الأكثر إثارة بدوره هو ما يتعلق بتلك "المفاضلة الجهادية" لدى الشبان التونسيين، والمتعلقة بأسبقية الرمزية المكانية على العقيدة الإقليمية أي أن التونسيين يفضّلون القتال في منطقة بلاد الشام والعراق على أقاليم شمال أفريقيا التي من المفترض أن تكون أقرب إليهم في الجغرافيا والعلاقات الأسرية والدموية.
يختلط في الوجدان التونسي أكثر من مقدّس لكنه يتمركز من حيث المكان في إقليم واحد، هو نقطة فلسطين وما حولها إلى درجة أن الكثير من التونسيين في أربعينات القرن الماضي قد التحقوا بالمنطقة أثناء الانتداب البريطاني، وانتقل بعض الشباب التونسي سنة 1947 للقتال ضد العصابات اليهودية المتطرّفة هناك وكان ذلك قبل ظهور إسرائيل، وقاتلوا في عهد الرئيس السوري شكري القوتلي، الذي كوّن آنذاك جيشاً من العرب الوافدين من كل الأقطار العربية.
ومع ظهور المقاومة في جنوب لبنان انضم عدد من الشباب التونسي إلى صفوف المقاومة كحركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية والتنظيم الشعبي الناصري بقيادة معروف سعد، وبقي بعضهم منتسباً إلى فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية وفي سنة 2008 تم تسليم رفات 11 تونسياً عن طريق الصليب الأحمر الدولي.
استمر هذا المفهوم التونسي للجهاد، ذو الميل الأقرب إلى اليسار الوطني الفلسطيني حتى حادثة محمد الزواري، التونسي الذي اغتيل في عملية خاصة من قِبل الموساد بمحافظة صفاقس في 15 ديسمبر 2016 والذي عُرف بلقب "طيار المقاومة"، وجاء دخول منظمة حماس على الخط والمزايدة والزجّ باسمه ليكشف ويلخص هذا التداخل والالتباس في المفاهيم لدى الشبان التونسيين وعلاقتهم بالقتال، وربما يمكن من خلاله فك جزء من لغز ارتباط الشبان التونسيين بالتنظيمات الجهادية.
ويمكن استخلاص مسألة جوهرية في تتبع الخيط الناظم بين النشاط القتالي والطيف النضالي الفلسطيني الذي استمر به التهميش الدولي وأخذته الخلافات الداخلية ليكون مطيّة في متناول الجماعات الجهادية نحو الوقوع في مكيدة التطرّف والإرهاب.
إن الذي يعود بذاكرته إلى سنوات قليلة ماضية وقبل الحسم الدولي في الإصرار على متابعة وتجفيف جيوب ومنابع التطرّف، يتذكّر جيدا تلك المغازلات التي وصلت حدّ التحالف بين الفصائل الإسلامية والتنظيمات اليسارية.
الثورية اليسارية، سقطت لصالح "الثورية الدينية" التي اختطفتها. وبات هذا الاستعداد الفطري إلى الدفاع عن قضايا إنسانية، دون حاضنة آمنة في جيل الشباب الثوري بالعالم العربي على عكس شباب أميركا اللاتينية مثلا، والذي ناشد ملاحم خلق لها رموزا خالدة.
(العرب اللندنية)