داعش وتكفير طالبان وغيرها من الحركات الإرهابية
السبت 03/نوفمبر/2018 - 04:15 م
طباعة
حسام الحداد
الإصدار الأخير من صحيفة "النبأ" اللسان الناطق باسم تنظيم الدولة "داعش" والمنبر الإعلامي الوحيد للتنظيم المنتظم في الصدور كل يوم خميس، جاء محملا كالعادة بكم هائل من الأكاذيب الذي يستخدمها التنظيم للترويج لنفسه في أوساط الشباب الناطق بالعربية.
وما لفت الانتباه في هذا الإصدار هو اتهام تنظيم الدولة "داعش" بالردة والتكفير لحركة طالبان وغيرها من الحركات الإرهابية التي قامت بعمل مراجعات حتى ولو صورية وألقوا أسلحتهم وتوقفوا عن القتال لتحقيق مكاسب سياسية ما.
مصدرين بيانهم بقوله تعال: "وَلَن تَرْضَٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَ النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" (البقرة: 120 ). تلك الآية التي نزعت من سياقها النصي والتاريخي لاستخدامها في نشر العداوة والكراهية والتحريض ضد الأبرياء أيا كانوا، وبعيدا عن مناقشة الآية ومعناها ومغزاها والسياق التي نزلت فيه، فان تنظيم الدولة "داعش" وغيره من الحركات والتنظيمات الإسلامية انا تستخدم آلية اجتزاء النص من سياقه لتكييفه حسب مصالحها وان تنوعت هذه المصالح.
ما يهمنا هنا هي الخطوة التي قام بها تنظيم الدولة بإطلاق حكم الردة على هذه التنظيمات مما يعد مؤشرا لحرب جديدة بين هذه التنظيمات و"داعش" حول امتلاك الدين مما يغير من طبيعة المعارك في المستقبل القريب والهدف منها جذب الشباب الأكثر راديكالية وتشددا في هذه التنظيمات لتنظيم "داعش".
يقول البيان: "فبات الخطاب الخارجي لتلك الفصائل يحرص على تجنب الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية على الأرض، وتطمين الغرب بأن ذلك لن يحدث، وكذلك طمأنة أجهزة المخابرات أننا رهن الإشارة والسمع والطاعة، سعيا لاستمرار التمويل وطمعا في الزيادة، -فكانت النتيجة المتوقعة منذ البداية- تسليم تلك الفصائل أسلحتها وحل نفسها والندم على ما خاضوه من تجربة فاشلة".
ويستطرد البيان: "هذا السرد يلخص لنا أنه سواء علمت تلك الفصائل وأفرادها أنهم بفعلتهم تلك تحولوا بإرادتهم لعملاء لتلك الأجهزة لتنفيذ مخططات تلك الدول أم لم يعلموا، فهم قد ارتدوا عن دين الله وأصبحوا عملاء، وسقطوا في المستنقع الذي حفر لهم وأوقعوا أنفسهم فيه طوعا، ونفّذوا الخطة التي أريدت منهم بنجاح، فتباً لكم أيتها الفصائل المرتدة على هذه النتائج الباهرة، وتعسا لما قدمتموه بحق أنفسكم وأهاليكم".
جاء بيان تنظيم الدولة "داعش" ردا على التنسيق الأمريكي القطري مع حركة طالبان للتوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة، فيقول البيان: "ولم يسلم من تلك المشاريع من كان يذيع أنه يجابه أمريكا ومشروعها، يصرح بذلك منذ سنين
ويستهدف وكلائها، فنراه اليوم يجلس مع من احتل أرضه واعتقل إخوانه وارتكب أفظع الجرائم بحق المستضعفين فأهلك الحرث والنسل، فها هي مفاوضات أمريكا الصليبية مع طالبان المرتدة قد خرجت إلى العيان بعدما كانت خلف ستار، برعاية من الطواغيت وطمأنة منهم، رضخ قادة الطالبان المرتدين وركنوا للظالمين ولم يجنوا إلا الذلة والمهانة والحسرة والندامة، وسيكونون أداة أمريكا بلا شك في حرب جند الخلافة في خراسان وقد بدؤوا هذه المهمة كي ينالوا رضى الصليبيين، وسيغدق عليهم الطواغيت الأموال والدعم والاعتراف بهم قريبا، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. تناسى كل هؤلاء أمر ربنا الجبار سبحانه من فوق سبع سماوات (وَلا تَرْكَنُوا إِلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَونَ) وظنوا أنهم ببضع كلمات يقولونها أثناء مفاوضاتهم التي تنازلوا فيها عن كل ما أعلنوه من ثوابت سيحفظون بها عزتهم ومجدهم.
وإنّ إصرارهم على دروب الردة التي سلكوها سيمضي بهم حتما إلى الاندثار كما حل بفصائل
العراق والأحزاب التي سبقتهم في خراسان، وسيخسرون الدنيا والآخرة".
يأتي هذا البيان الصادر عن تنظيم الدولة "داعش" بعد أن كشفت تقارير إعلامية أن 5 عناصر من جماعة طالبان الإرهابية الذين أطلق سراحهم من معتقل جوانتنامو في عهد إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، انضموا إلى مكتب تمثيل الحركة المتشددة في العاصمة القطرية، الدوحة.
وأكد المتحدث باسم طالبان، صبيح الله مجاهد، الثلاثاء 30 أكتوبر 2018، التحاق العناصر الإرهابية التي أفرج عنهم مقابل إطلاق سراح الرقيب في الجيش الأمريكي باو بيرغداول، بمكتب الحركة في الدوحة وفق ما نقلت شبكة "سكاي نيوز"، وبموجب هذا الانضمام، سيتولى الإرهابيون تمثيل طالبان في مفاوضات السلام، وسط مخاوف من خلفيتهم المتشددة، وكونهم مقربين من المتمردين الذين يستهدفون الحكومة المركزية في أفغانستان.
وكان العناصر الخمسة من المقربين جدا من زعيم ومؤسس طالبان، الملا محمد عمر، وكان لهم دور فاعل في الجماعة التي حكمت البلاد على نحو متشدد طيلة 5 سنوات قبل تدخل الولايات المتحدة العسكري سنة 2001.