تجديد الخطاب الديني و البوصلة
الإثنين 04/مايو/2020 - 02:24 م
طباعة
على مدار عدة أيام من رمضان وأنا أتابع برنامج البوصلة للأستاذ / إسلام البحيري وحقيقة الأمر أن الأستاذ / إسلام حاول بذل جهده في طرح تجديد الخطاب الديني ولكن من الواجب التنبيه علي عدة امور هامه . أن ما يقوله الأستاذ / إسلام ليس بجديد فقد تحدث به علماء قبله وخاصةً من فرقة المعتزلة ومن أقوال المعتزلة " إن أدم عليه السلام لم يكن بجنة الخلد ودليلهم أن أدم عصا ربه فيها وجنة الخلد لا لغو فيها ولا تأثيم وأنه أخرج منها لأنه كان يطلب الخلد جاء في القرآن علي لسان إبليس قال يا أدم هل أدلك علي شجرة الخلد وملك لا يبلي ؟ فأدم كان يبحث عن الخلد فمعني أن الجنة التي كان فيها أدم ليس فيها خلود " وكثيرٌ من السادة العلماء قالوا أن الذي أرتكب المعصية أدم وليست حواء ولا بسبب غواية حواء لأن الله تعالي قال " وعصى أدم ربه فغوى " سورة طه .. كما أن عدد كبير من العلماء علي مر العصور أنكروا عدة أحاديث في الصحيحين كحديث سحر النبي " صل الله عليه وسلم " و فقأ موسى لعين ملك الموت ... إلخ ومنهم بن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري قال بضُعف قرابة المائة حديث في البخاري
كما أن الأستاذ / إسلام ينقل من تفسير بن جرير الطبري ويتهكم عليه بالهمز واللمز والحقيقة التي يجب أن يعرفها الناس أن بن جرير الطبري له منهجاً في الكتابة يعلمه القاسي والداني ممن له دراية بعلوم الشريعة وهي أن بن جرير الطبري أخذ على نفسه ينقل كل ما في عصره من روايات صحيحة أوثقيلة معقوله أو غير معقولة بحيث ينقل إلينا كل التراث في عصره بصرف النظر عن الصواب والخطأ فهذه متروكة لمن يأتي بعده كما فعل مثلاً أبو الفرج الأصفهاني في كتابه " الأغاني " فهو أراد أن يكتب كل ما هوأغنية في عصره لكي ينقلها للأجيال القادمة بعد بصرف النظر عن موافقة هذه الأغاني للأداب العامة أو غير موافقة وهذا منهج معترفٌ به في كتابة التواريخ أو التفاسير , ونقل كل ما عاصره الكاتب بصرف النظر عن قناعته او غير قناعته , ويترك التنقيح لمن يأتي بعدها , ونظره علي أن كل هذه الروايات والأخبار ما هي إلا قصص لا تسمن ولا تغني من جوع وليس لها أي تأثير علي ثوابت الدين الإسلامي , فالدين ينقسم إلي ثلاثة أقسام رئيسية محفوظة وقطعية الثبوت وهي " المعتقدات , العبادات , المعاملات " فهذه أصول الشريعة وهي كلها قطعية وليست ظنية إذ لو جاز إثباتها بالظن لكانت الشريعة مظنونه أصلا وفرعاً وهذا باطل .
فالمعتقدات عند المسلمين الإيمان بالله وحده لا شريك له والإيمان بالملائكة والنبيين والبعث بعد الموت والجنة والنار والقدر خيره وشره ... فلا تغيير ولا تبديل ولا مخالفة ولا إجتهاد .
والعبادات كذلك الصلاة والصوم والحج والزكاة ... إلخ
والمحرمات القطعية والمعاملات كذلك فلا تغيير ولا تبديل ولا مخالفة ولا إجتهاد كثوابت الدين محفوظة بحفظ الله سبحانه وتعالى الذي حفظ القرآن في قوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " سورة الحج .. فيما عدا ذلك من قصص وأخبار فلا ضير من نقلها والإشارة إلي مصادرها كقول السادة العلماء إسرائيليات أو موضوع أولا أصل له وهكذا .
فالمناداه لتجديد الخطاب الديني لا يتناول الثوابت الدينية من قريب أو بعيد فهذا التخوف لا مجال له عند المسلمين , والمطلوب هو البحث في التاريخ المزيف والأحاديث الموضوعة والمكذوبة من أصحاب الفرق والمذاهب الضالة , و الفتاوى الضالة علي مر العصور التي أختلطت بالسياسة وأُستبيحت بها الدماء والأموال والأعراض ظلماً وعدواناً وإفتراءً علي دين الله .