تفضح قمع أردوغان.. وثيقة تكشف أكاذيب روايات تركيا حول الانقلاب المزعوم
الخميس 30/يوليو/2020 - 01:41 م
طباعة
تتواصل يوما بعد يوم كشف الأكاذيب والمزاعم التركية حول الانقلاب في 15 يوليو 2016، حيث كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن وثيقة جديدة تكذب مزاعم الرواية الرسمية التركية عن محاولة الانقلاب، لافتا إلى أنها اعتمدت بشكل كبير على إفادات مزيفة انتزعت من ضباط بعد تعرضهم للتعذيب.
وكانت طلبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قبل أيام، توضيحات من أنقرة بشأن مصير مئات القضاة أوقفتهم السلطات التركية عن العمل، وخضعوا للتحقيق، ثم الاعتقال، للاشتباه في انتمائهم إلى منظمة الداعية عبدالله كولن، وعددهم 546 قاضياً.
هذا الرقم مجرد عيّنة بسيطة عن عدد المعتقلين الذين زُجّوا بالسجون في إطار حملة الاعتقالات الواسعة التي أطلقها الحاكم الطاغية رجب طيب أردوغان، بعد المحاولة الانقلابية والتي شملت نحو 160 ألف شخص، من ضمنهم عسكريون، ومعلمون، وقضاة، وأطباء، وأكاديميون، وموظفون، إضافة إلى صحفيين، ونواب، كما تم إغلاق 2200 مؤسسة تعليمية خاصة، و19 اتحاداً عمالياً، و15 جامعة، ونحو 150 مؤسسة إعلامية.
شكّلت المحاولة الانقلابية التي أثارت الكثير من الشكوك حولها، وعما إذا كانت مدبّرة لتبرير حملة التصفيات الواسعة ضد كل خصوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نقطة تحول في الحياة السياسية التركية نحو تشديد قبضة أردوغان على كل مفاصل السلطة من خلال حزبه (العدالة والتنمية)، ثم من خلال النظام الرئاسي الذي كان يسعى إليه سنينَ طويلة، إذ لم يكن سهلاً تحويل النظام البرلماني إلى رئاسي في الدستور التركي قبل محاولة الانقلاب، وسط رفض شديد من أحزاب المعارضة، ومن جانب رفاق أردوغان القدامى، مثل رئيس الجمهورية السابق عبدالله جول، ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو.
وأوضح الموقع السويدي، أنه طبقًا لالتماس قانوني قدمه الجنرال التركي، أوزهان كونوك، أمام المحكمة الجنائية العليا السابعة عشر في أنقرة، فقد أرغم على الكذب أثناء تحديد هوية أحد المدنيين المتهمين بالعمل مع الضباط المشاركين في محاولة الانقلاب الفاشل.
وأوضح كونوك أنه تعرض للتعذيب أثناء احتجازه لدى الشرطة في "باشكنت سبورتينج هول"، وهو مركز احتجاز غير رسمي يتعرض فيه المحتجزون لتعذيب ممنهج ومعاملة سيئة في أعقاب محاولة الانقلاب.
وأشار الجنرال التركي إلى أنه كان محتجزًا لدى الشرطة في المركز في الفترة بين 8 و12 أغسطس عام 2016، وأرغم على تحديد هوية شخص يدعى مصطفى أكيلديز رغم عدم معرفته به.
وطلب من المحكمة التحقق من هوية المسؤولين الذين عذبوه وأجبروه على التوقيع على إفادات مزيفة تفيد بمعرفته بهذا الشخص.
وكتب كونوك الالتماس بخط اليد، وسلم إياه للسلطات في سجن سنجان في أنقرة من أجل أن يعيدوا إرساله إلى المحكمة، وفق الموقع السويدي.
وتزعم الحكومة التركية أن أكيلديز، مدني، تابع لحركة الداعية فتح الله جولن المعارضة للحكومة التركية، وتتهمه بالعمل سرًا مع ضباط خلال الانقلاب الفاشل، لكنه وكونوك كما المئات الآخرون الذين يحاكمون بتهمة التورط في تلك الأحداث ويواجهون عقوبات بالسجن مدى الحياة حال إدانتهم.
وخلال جلسة استماع عقدت في 22 نوفمبر 2017، أدلى كونوك بشهادته التي تحدث فيها عن تكليفه بمهمة في مقر هيئة الأركان العامة قبل خمسة أيام على الانقلاب الفاشل، وأنه كان جزءًا من فريق عمل على تجهيز اجتماع لمجلس الشورى العسكري، وعندما شاهد وحدات العمليات الخاصة تقتحم المبنى، قيل له إنه كان هناك هجوم إرهابي، ثم تم تكليفه بمهمة حراسة لحماية المكان ولم يستخدم سلاحه مطلقًا.
وأشار الموقع إلى أن تقرير التحقيقات العسكرية لهيئة الأركان برأه من ارتكاب أية أفعال خاطئة، وواصل الخدمة في الجيش لفترة 20 يومًا بعد محاولة الانقلاب.
وكرر الجنرال ما كتبه في المذكرة القانونية السابقة وقال إنه تعرض للتعذيب وأجبر على كتابة أسماء لا يعرفهم في إفادة أرغم على توقيعها، ووجهت له أسئلة عدة حول صلاته بحركة غولن.
شهادة كونوك حول ما حدث خلال فترة احتجازه هي واحدة من بين عدة حالات تعذيب كانت هناك تقارير سابقة بشأنها، والهدف هو استخلاص إفادات، رغم زيفها، لتجهيز قضية جنائية مقنعة ضد الحركة.
ويتهم أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، فتح الله كولن بتدبير المحاولة الانقلابية، وهو ما ينفيه الأخير بشدة.
وتعتقد المعارضة التركية أن أحداث ليلة 15 يوليو هي انقلاب مدبر من أجل تصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني من خلال اختلاق جريمة تحت يافطة "جريمة الانتماء إلى حركة الخدمة".
وتشن السلطات التركية بشكل منتظم حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة غولن.
ويوم 10 مارس الماضي، كشف سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، عن توقيف 511 ألف شخص، اعتقل منهم 30 ألفا و821، في إطار العمليات التي استهدفت جماعة الداعية فتح الله غولن، وحزب العمال الكردستاني، منذ المحاولة الانقلابية المزعومة.
وفي 3 يناير الماضي، أعلن الوزير ذاته أن عدد المعتقلين في عام 2018 بلغ 750 ألفا و239 شخصا، بينهم أكثر من 52 ألفا فقط بشبهة الانتماء إلى كولن.
وتستمر محاكمة آلاف المعتقلين، وصدرت أحكام بالسجن المؤبد بحق بعض الضباط، والعسكريين، رغم غياب أدلة ذات مصداقية تبرر التهم الموجهة اليهم، ما يؤكد عدم استقلالية القضاء في ظل حالة الطوارئ. وطالت الاعتقالات أكثر من 500 محام، إضافة إلى نشطاء في مجال حقوق الإنسان، من بينهم تانر كيليش رئيس الفرع التركي لمنظمة العفو الدولية، ثم أطلق سراحه.
وفجرت سياسة البطش هذه التي اعتمدها أردوغان ضد كل خصومه السياسيين، وكل من يعارض حكمه، حالة من الرفض الشعبي التي عبر عنها المواطنون الأتراك في الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث خسر أهم معاقله الانتخابية في إسطنبول، وإزمير، وأنقرة، كما أدت إلى تدهور في العملة التركية، وإلى ضمور اقتصادي.