وثائق مسربة تفضح علاقة أردوغان بتنظيمي "داعش" و"القاعدة"

الأحد 27/ديسمبر/2020 - 01:07 م
طباعة وثائق مسربة تفضح فاطمة عبدالغني
 
لم تعد علاقة التنظيمات الإرهابية بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة سرية بل أصبحت الدلائل التي تثبت هذه العلاقة وثائق دولية لا يمكن التشكيك فيها.
وفي هذا السياق، نشر موقع "نورديك مونيتور" Nordic Monitor السويدي، السبت 26 ديسمبر، تقريراً يحوي وثائق مسربة عن نشاط المخابرات التركية، من ملفات المحكمة الجنائية العليا الثالثة والعشرين في أنقرة.
 وكشف التقرير أن الانفجارات في مستودعات الأسلحة العسكرية التركية تم تدبيرها لمحو آثار الأسلحة التي قدمتها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تنظيم داعش.
وبحسب موقع "نورديك مونيتور" تُظهر الوثائق نصوص شهادة الرائد أحمد أوزجان، رئيس مركز التقييم الاستخباري (İ D M)، في المخابرات العسكرية التركية، أمام  المحكمة، في جلستي 11 ديسمبر 2017، و 31 يناير 2020، والتي تؤكد أن الانفجارات، التي وُصفت في الإعلام الرسمي بأنها مجرد حوادث في مستودعات الأسلحة العسكرية، هي في الواقع إتلاف مدبر للمخازن لإخفاء وتمويه مشكلة الأسلحة المفقودة من مخازن وحدة (TSK) والتي كان جرى تسليمها لتنظيم داعش.
وبحسب الوثائق فإن المخازن التي جرى تفجيرها بقصد التمويه، توزعت ما بين المدن التركية أفيون وأورفا، ومواقع في الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا في شمال جزيرة قبرص.
وفي شهادة الضابط أحمد أوزجان، رئيس مركز التقييم الاستخباري السابق، توثيق لمطابقة مقاطع الفيديو الدعائية لداعش مع صور صناديق الذخيرة التي تتضمن علامات شركة الصناعات الميكانيكية والكيميائية التركية (MKE) المملوكة للدولة، والتي تصنع المتفجرات والذخيرة والأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية للجيش التركي.
وتفيد شهادة الضابط أوزجان، أمام المحكمة بأن التفجير التمويهي الأول للمخازن وقع في 5 سبتمبر 2012 بمستودع ذخيرة في مقاطعة أفيون قره حصار الغربية وقتل 25 جنديًا، ويومها قلل الجيش التركي من شأن الانفجار وتجاهل التفاصيل.
ثم وقع انفجار آخر في محافظة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا في 13 نوفمبر 2019، ما أدى إلى إصابة 16 جنديًا.
أما الانفجار الثالث، الذي أشار إليه أوزجان، فقد حدث يوم 12 سبتمبر 2019 في جزيرة قبرص المقسمة، والتي يقع الجزء الشمالي منها تحت سيطرة الجيش التركي.
ويشير التقرير إلى أن أهمية شهادة أوزجان أمام المحكمة تأتي من كونه مسؤولا في مركز استخبارات رئيسي في العاصمة التركية، فقد كان في وضع يسمح له بالوصول إلى معلومات سرية.
ومنذ أن عمل أوزجان مع قوات الدرك، وهي قوة عسكرية لها تفويض بإنفاذ القانون في المناطق الريفية والمحافظات الحدودية حيث اعتاد الإرهابيون تهريب الأسلحة والمقاتلين والخدمات اللوجستية، كان يعرف الكثير عن الروابط السرية لحكومة أردوغان بجماعات القاعدة وداعش، وكل ذلك بالتنسيق مع وكالة المخابرات التركية (MIT) كقناة تواصل.
وأشار أوزجان في شهادته إلى أن الجنود الأتراك يعرفون جيدًا أن الشاحنات المحملة في مستودعات الذخيرة التابعة للقوات المسلحة التركية كانت تذهب إلى داعش.
ولفت التقرير إلى أن موضوع تزويد نظام أردوغان بالأسلحة إلى داعش لم يكن سرّا مغلقا، ففي 9 سبتمبر 2014 نشرت صحيفة "طرف" التركية أنه تم العثور على ذخيرة تحمل علامة MKE بعد قتال بين مسلحي داعش والقوات الكردية في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
وعقابا لصحيفة "طرف" اليومية على نشرها هذا التقرير فقد أغلقتها الحكومة بعد ذلك، وسجنت رئيس تحريرها السابق، الكاتب المعروف أحمد ألتان، بالإضافة إلى كبير المراسلين الاستقصائيين الصحفي محمد بارانسو، بتهم ملفقة.
ووفقًا للتقرير، فوجئ الخبراء الأمريكيون الذين فحصوا مكان الحادث برؤية علامة شركة التصنيع التركية الرسمية MKE على ذخيرة داعش.
كما كان استخدام الذخائر التركية من قبل داعش جزءًا من سؤال برلماني تم تقديمه في سبتمبر 2014، وفي حينه طلب النائب "لطفو توركان" من وزير الدفاع، آنذاك، عصمت يلماز تأكيد أو نفي ما إذا كان لدى داعش ذخيرة تحمل علامة MKE. وهل باعت وزارة الدفاع تلك الذخيرة للتنظيم؟ وإن لم تكن الوزارة باعتها فكيف انتهت تلك الذخائر في أيدي داعش؟ وتساءل النائب عن المقابل الذي حصلت عليه الدولة التركية من داعش في مقابل الذخيرة.
وفي رد متأخر مؤلف من جملة واحدة على الأسئلة النيابية الستة، قال وزير الدفاع إن وحدة التصنيع الحكومية  MKE لم تبع أبدًا أي ذخيرة لأي منظمة إرهابية.
ويسجّل التقرير أن تحقيقا جنائيا كان فُتح عام 2013 بشأن شبكة القاعدة في تركيا، وكشف أن الإرهابيين حصلوا من تركيا على مكونات لإنتاج غاز السارين.
وقد أمر مكتب المدعي العام بالقبض على 13 شخصا خلال المرحلة الأولى من التحقيق، ولكن تم إطلاق سراحهم فيما بعد.
وأظهر التحقيق أن الأشخاص الذين قاموا بتهريب المواد الكيميائية اللازمة لإنتاج السارين لم يواجهوا أي صعوبات، مما عمق القناعة بأن المخابرات التركية كانت على علم بأنشطتهم.
وتتضمن وثائق المحكمة المسربة، ملاحظات ضابط الاستخبارات العسكرية السابق أوزجان بأن قيادات داعش كانوا يعيشون على الحدود التركية مع سوريا وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش التركي.
ووفقًا للموقع السويدي لفت ضابط المخابرات أوزجان الانتباه إلى مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في 27  أكتوبر 2019 في مجمع خارج قرية باريشا بمحافظة إدلب السورية، على بعد أربعة أميال جنوب الحدود التركية في المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش التركي.
كما أشار إلى أن أبو الحسن المهاجر، الذراع اليمنى للبغدادي والمتحدث باسم داعش، قُتل أيضًا على يد الولايات المتحدة في غارة جوية بقرية عين البيضاء، بالقرب من جرابلس شمال غرب سوريا، وهي منطقة حدودية، وأيضًا تحت سيطرة الجيش التركي.
يشار إلى أن أوزجان، البالغ من العمر الآن 42 عامًا، محتجز في تركيا منذ 17 يوليو 2016 بتهمة المشاركة في انقلاب صيف 2016.
وقد تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز وتم نقله إلى المستشفى لإجراء جراحة طارئة بعد أن جعلت جلسات التعذيب حالته حرجة، وأحالته الشرطة إلى النيابة ثم إلى المحكمة بعد أن أجبر على توقيع محضر كتبته الشرطة.
وعندما أتيحت له الفرصة للدفاع عن نفسه في المحكمة في جلستي 11 ديسمبر 2017، و31 يناير 2020 أوضح بالتفصيل، التعذيب وسوء المعاملة على أيدي الشرطة وضباط الأمن الآخرين أثناء إقامته في المستشفى واحتجازه.
كما عرض معلوماته كضابط استخبارات سابق بشأن الأسلحة التي كانت المخابرات التركية تزود داعش بها ثم تُفجّر المستودعات لتخفي أسرار تلك العلاقة.

شارك