صراع روحاني- لاريجاني.. انضمام ايران لمجموعة العمل المالي يصطدم بعناد المتشددين
في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها ايران، وارتفاع معدلات الفقر نقص السيولة المالية، وافق المرشد الأعلى علي خامنئي على طلب الرئيس الايراني حسن روحاني إعادة النظر في مشروعي «قوانين» بأهمية الانضمام إيران إلى معاهدة (FATF)، ومعاهدة مكافحة تمويل الإرهاب (CFT).
وفي نهاية فبراير
الماضي، أعيدت إيران إلى اللائحة السوداء لـ«مجموعة العمل المالي» الدولية المتخصصة
بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد أربع سنوات من التعليق عقب تنفيذ على الاتفاق
النووي مع مجموعة 5+1.
ومن أجل إنقاذ الوضع
الاقتصادي للملالي، ومع وجود انتخاب الديمقراطي جون بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية،
بات النغمة تتغير داخل أورقة صانع القرار الايراني، مع آمال لعمائم طهران بعودة المفاوضات
مع واشنطن، بعد اقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض
عقوبات واسع على النظام الإيراني.
وهاجم رئيس مجمع
تشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني ، الرئيس روحاني -لكن دون تسمية- قائلا :«إن البعض
يحاول تشتيت انتباه الجمهور بقضايا مثل توفير الأدوية ولقاح كورونا وما شابه ذلك».
ويعارض العديد من
أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام التصديق على مجموعة العمل المالي ويخشون عواقب التصديق
عليها.
وذكر لاريجاني أن
«روحاني» في إطارة اعادة النظر حول تشريعان خاصة بالانضمام الى مجموعة (FATF)،
مجموعة من أعضاء البرلمان الايراني، ووصفوا مسألة انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي
بأنها "معقدة" ، ودعا الجميع إلى الامتناع عن أي أجواء مدمرة.
حكومة روحاني سعت
خلال السنوات الماضية إلى إقناع مجلس صيانة الدستور، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، بأهمية
الانضمام إلى مجموعة العمل المالية الخاصة ، ومشروع قانون الانضمام إلى اتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (باليرمو) ، ومشروع قانون تعديل قانون
مكافحة غسل الأموال ، ومشروع قانون تعديل قانون مكافحة تمويل الإرهاب ، في السنوات
الأخيرة ، تم تمرير مشروعي قانون لتعديل قانون مكافحة غسل الأموال وقانون مكافحة تمويل
الإرهاب ، ولا يزال مصير مشروعي قانون الجريمة المنظمة العابرة للحدود (باليرمو) والانضمام
إلى اتفاقية قمع تمويل الإرهاب غير واضح، في ظل معارضة المتشددين في المؤسسات الحكومية
لهذه الاتفاقيات.
وفي نوفمبر الماضي،
طلب روحاني من علي خامنئي أن يأمر مجلس تشخيص مصلحة النظام بإعادة النظر في مشروعي
القانونين المتبقيين، وذكر تقارير ايرانية ان
خامنئي وافق على هذا الطلب إعادة النظر في مشروعي «قوانين» بأهمية الانضمام
إيران إلى معاهدة (FATF)، ومعاهدة مكافحة تمويل الإرهاب (CFT).
وكان البرلمان الإيراني
قد وافق على معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب، واتفاقية باليرمو، لكن مجلس صيانة الدستور
اعترض على هذه الموافقة، وهو ما أدى إلى عرض مشاريع قوانين هذه الاتفاقيات على مجلس
تشخيص مصلحة النظام، الذي لم يبت في الأمر حتى الآن.
ووفقًا لمعارضي الانضمام
لهذه الاتفاقيات، فإن الهدف النهائي من اعتماد مشاريع هذه القوانين، هو قطع الأذرع
العسكرية والسياسية الإيرانية في الشرق الأوسط، وتشديد العقوبات على مؤسسات مثل الحرس
الثوري، وإعاقة دعم الجماعات الموالية لإيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وعلى
رأسها «حزب الله».
وفي تصريحات سابقة
قال الناطق الرسمي باسم حكومة روحاني علي ربيعي إن عدم اعتماد القوانين المتعلقة بمعاهدة (FATF)،
أو ما تعرف بمجموعة العمل المالي الدولية سيؤدي إلى إغلاق الاقتصاد الإيراني بأكمله.
وحذر ربيعي في مقال
صحفي، نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا)، من أن عدم انضمام بلاده للاتفاقيات
العالمية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال يعني تحولها إلى جزيرة معزولة اقتصاديا، ولن
يكون بمقدورها تحويل مبالغ مالية صغيرة إلى الدول المجاورة لها.
المحلل الاقتصادي
الايراني «فريدون خاوند» أوضح انه في عام 2007، تم إدراج إيران في القائمة السوداء
لمجموعة العمل المالي إلى جانب كوريا الشمالية. ولكن في عام 2016، وفي ضوء المبادرات
الإيجابية التي اتخذتها طهران، أبدت المنظمة أيضًا مرونة ودعت الدول الأعضاء فيها والمنظمات
الشريكة إلى اتخاذ تدابير بالمثل مع إيران، وأوقفت إدراجها في القائمة السوداء لمدة
اثني عشر شهرًا. بمعنى آخر، تم حذف إيران مؤقتًا، في انتظار مزيد من المستجدات.
وتابع « فريدون خاوند»
قائلا « من وجهة نظر (FATF)، فإن حذف إيران نهائيًا من القائمة السوداء يتطلب
تعديل قانونين، والانضمام إلى اتفاقيتين: قانون مكافحة غسل الأموال، وقانون تمويل مكافحة
الإرهاب، واتفاقية الجريمة المنظمة عبر الوطنية (باليرمو)، والانضمام إلى اتفاقية مكافحة
تمويل الإرهاب (CFT). مر النصان الأولان بمراحل مختلفة وأصبحا
قانونين. ولكن لم تنجح إيران بتوقيع الاتفاقيتين (باليرمو، وCFT)، بعد أن وقعتا في متاهة من
النزاعات والمنافسات بين التيارات، وفي نهاية المطاف رفضها مجلس تشخيص مصلحة النظام،
بسبب شلل جهاز صنع القرار في إيران».
ولفت المحلل الايراني
في مقا له بموصع «إيران اينترنشنال» إلى أن هناك اتجاهين حول الاتفاقيات، الأول: توجه
عملي، ويشمل عددًا كبيرًا من مسؤولي حكومة روحاني، لا سيما في وزارة الخارجية والبنك
المركزي ومنظمة الشؤون الاقتصادية والمالية.. من وجهة نظرهم، فإن قبول طلبات مجموعة
العمل المالي لا يحل بالطبع جميع المشكلات الاقتصادية في البلاد، ولكن عدم قبولها سيجعل
الوضع الإيراني أسوأ مما هو عليه، ولا سيما إضعاف موقف إيران أمام العقوبات الأميركية.
وتابع « فريدون خاوند»
الاتجاه الثاني: يتمثل في أولئك المقربين من مركز السلطة في طهران، والحريصين عليها،
وقد عارضوا بشدة مطالب مجموعة العمل المالي باسم حماية الثورة والحفاظ على الجمهورية
الإسلامية.
وأضاف أنه من وجهة
نظر هذا الاتجاه، إذا انضمت إيران إلى الاتفاقيتين الخاصتين بمكافحة الجريمة المنظمة
عبر الوطنية (باليرمو) ومكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، فسيؤدي ذلك إلى «عقوبات
ذاتية»، وستكون جميع الشبكات المالية داخل البلاد تحت إشراف دولي.
واختتم قائلا «بالإضافة
إلى ذلك، فإن الانضمام إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب سيمنع إيران من مساعدة المنظمات
والجماعات المتحالفة معها في الشرق الأوسط، من حزب الله، إلى حماس الفلسطينية، وغيرهما
من المنظمات التابعة لها في العراق وغيره.
ويرى مراقبون أنه
حتى الان هناك معارضة شديدة على تمرير الاتفاقيات من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس
صيانة الدستور، رغم التقارير المسربة على موافقة خامنئي بتمرير الاتفاقيات فإن هذه
التسريبات تبقى «شائعات» و«بلونة اختبار» من
قبل المتشددين تجاه السياسية الامريكية الجديد، في ظل قبضة المتشددين والحرس الثوري
على مقاليد الاور في طهران، والترويج لفشل الاصلاحيين في التفاوض مع واشنطن ، واقتراب
ايران من الانتخابات الرئاسية والتي يتوقع ان يكون هناك رئيس عسكري من جنرالات الحرس
الثوري على رأس مؤسسة الرئاسة الايرانية، لأول منذ سقوط نظام الشاه 1979، وهو ما يشكل علامة فارقة في السياسية الايرانية.