أفريقيا.. القارة السمراء في مرمى الإرهاب.. دور الإمارات محوري في دعم السلام بالسودان.. غموض حول «فريق سوريا» في إدارة بايدن.. إسقاط خلية حوثية نفذت 20 تفجيراً إرهابياً بالساحل الغربي لليمن
الخميس 04/فبراير/2021 - 11:00 ص
طباعة
إعداد أميرة الشريف
تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 4 فبراير 2021.
جماعات متطرفة أمريكية تتحدى رؤية بايدن
في الوقت الذي وضع فيه الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن شعار «أمريكا متحدة» كهدف رئيسي يعالج به حالة الانقسام الداخلي في المجتمع الأمريكي، بات من بين التحديات والعقبات أمام إدارته هو التعامل مع الانتشار واسع النطاق في جماعات الكراهية والعنصرية في هذا المجتمع متعدد الثقافات والأعراق.
وأخطر ما يسعى مسؤولو الإدارة الجديدة إلى مواجهته هو زيادة نشاط تلك الجماعات ذات التوجهات المتطرفة عبر الإنترنت.
تقرير حديث صدر عن مؤسسة «إس بي إل سي» القانونية الأمريكية كشف عن وجود 320 منظمة توصف بأنها جماعات كراهية ولها فروع تقدربـ 838 فرعاً نشطاً تعمل في داخل الولايات المتحدة اعتباراً من عام 2020.
ورغم تراجع هذا العدد نسبياً عن مستواه في العام السابق 2019، لكن هذا لم يواكبه تراجع في أنشطة تلك الجماعات.
ناقوس الخطر
تقول مارجريت هوانج الرئيسة التنفيذية للمؤسسة إنه «على مدى ثلاثة عقود، حاولنا دق ناقوس الخطر بشأن تلك الجماعات، وتنامي حجمها وما تشكله من مخاطر، كما بات أكثر وضوحاً اليوم عن أي وقت مضى أن الولايات المتحدة تواجه تهديداً متزايداً من قبل المتطرفين الذين يتنامى حجمهم محلياً، ويتنوعون ما بين الميليشيات المعادية للحكومة وبين الجماعات المنادية بتفوق ذوي البشرة البيضاء».
ويشير التقرير إلى أن تزايد حالة التشابك والتفاعل بين جماعات الكراهية عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد يكون أكثر خطراً من التجمعات المباشرة، حيث يمكن لأفراد مجهولين الدخول إلى منتديات مثل «قانون» و«بوجالو»، وغالباً ما يؤدي النشاط الافتراضي إلى جماعة أضخم من المشاركين.
أحداث الشغب
وبدورها تقول سوزان كورك مديرة المشروع المعلوماتي بمؤسسة «إس بي إل سي»، إن أحداث الشغب في مقر الكونجرس «الكابيتول» بواشنطن واقتحامه يوم 6 يناير الماضي كان تراكماً لأعوام من حالة التطرف اليميني في الولايات المتحدة، وجاءت نتاجاً لمساندة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمتهم بتشجيع أفراد وجماعات من المتطرفين على تبني نظريات المؤامرة مع وصف الانتخابات الرئاسية السابقة بأنها «انتخابات مسروقة» والتي فاز فيها جو بايدن بالرئاسة على ترامب.
ورغم أن ترامب ولى من البيت الأبيض، فإن حركة القوميين البيض واليمينيين ما زالت تتطلع لاستعادة زمام الأمور مستقبلاً. وحمل التقرير عنوان «عام من الكراهية والتطرف» والذي تضمن تسجيل 4900 حادث قامت فيها جماعات متطرفة بالدعاية لأفكارها الأيديولوجية من خلال الأوراق الدعائية التي حملت محتوى عدوانياً وتحريضياً وعنصرياً.
وإحدى تلك الجماعات هناك واحدة تسمي نفسها «كو كلوكس كلان»، والتي طالما روجت لنظريات تفوق البيض، لكن صوتها خفت بصورة واضحة عبر السنوات لتفسح المجال لجماعات حديثة أخرى.
ويعتبر مؤلفو التقرير أن من الصعب رصد العدد الدقيق للعنصريين من أنصار فكرة تفوق ذوي البشرة البيضاء خصوصاً بعد انتقال تفاعلهم إلى المنصات الإلكترونية.
وتبقى أمام إدارة الرئيس الأمريكي الجديد أن تجد لنفسها أسلوبها الخاص لتهدئة تلك المشاعر العدائية في داخل المجتمع الأمريكي والتي كشفت عنها حوادث عدة في سنوات حكم الرئيس السابق ترامب.
إسقاط خلية حوثية نفذت 20 تفجيراً إرهابياً بالساحل الغربي لليمن
أعلنت القوات المشتركة عن إسقاط خلية إرهابية حوثية لزراعة وتفجير العبوات الناسفة بالساحل الغربي، نفذت 20 تفجيراً إرهابياً في مديريتي المخا والخوخة بالساحل الغربي.
ونشرت القوات تفاصيل عملية إسقاط الخلية الإرهابية والتي شملت اعترافات عناصر الخلية الحوثية الإرهابية التي نفذت 20 تفجيراً إرهابياً استهدفت المدنيين والقوات المشتركة في مديريتي المخا والخوخة.
إلى ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها البالغ لعدم تقديم جماعة الحوثي الضمانات الأمنية المطلوبة لوصول الخبراء الأمميين إلى الناقلة «صافر» التي ترسو قبالة سواحل محافظة الحديدة على البحر الأحمر غربي اليمن.
وقال ستيفان دوغريك، المتحدث باسم أمين عام المنظمة الأممية، في بيان له إن «مراجعة جماعة الحوثي موافقتها السابقة على وصول الفريق الأممي إلى الناقلة صافر قد يؤدي إلى مزيد من التأخير في المهمة وكذلك زيادة تكلفة المهمة بمئات الآلاف من الدولارات».
وأعرب البيان عن القلق الشديد من وجود مؤشرات تشي بأن الحوثيين يدرسون مراجعة موافقتهم الرسمية على مهمة انتشار الفريق الأممي ووصوله إلى الناقلة (مطلع مارس المقبل)، وأعرب البيان عن الأمل في الحصول على التزام متجدد لحل هذه المسألة العاجلة في أقرب وقت.
غموض حول «فريق سوريا» في إدارة بايدن
مضت على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ما يقارب أسبوعين، حيث أوغلت في الملفات الداخلية وعلى رأسها كورونا، فيما نسف بايدن بعض قرارات الرئيس السابق بينما بقيت ملفات حيوية شاغرة ومن بينها الملف السوري.
بعد مغادرة المبعوث الأمريكي السابق جويل رايبورن الملف السوري في العشرين من الشهر الأول من العام الجاري، بقي منصب المسؤول الأمريكي للملف السوري مجهولاً وغامضاً حتى الآن، فيما لم يتم تداول البديل في الوقت الذي تتحرك فيه الساحة السورية على المستويات الأمنية والسياسية.
وفي الوقت الذي رتبت إدارة بايدن الفريق على مستوى مستشاري الأمن القومي ووزارة الخارجية والملف النووي الإيراني، بقي الملف السوري طي الصمت بانتظار الإعلان عن رئيس الفريق الجديد، إلا أن المؤشرات تشير إلى تراجع اهتمام إدارة بايدن بالملف السوري، خصوصاً بعد تفكيك الفريق القديم.
وفي هذا الإطار، عينت الإدارة الأمريكية زهرة بيللي، الدبلوماسية التي كانت تعمل في أنقرة، مسؤولة المنظمات في سوريا كمنسقة في مكتب الأمن القومي في واشنطن، وهي المسؤولة عن تقديم التقارير إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بريت ماكغورك، بينما كانت زهرة من المطلعين عن قرب على الملف السوري، وأدارت الحوار (الكردي - الكردي) في شمال شرق سوريا.
ترشيحات
وتدور الترشيحات اليوم حول الدبلوماسي الأمريكي المعروف جيفري فيلتمان ليكون خليفة لجويل رايبورن، وفي حال صحة هذه الأنباء، فإن الإدارة الأمريكية تتجه إلى مستوى جديد من التعامل مع الملف السوري، خصوصاً وأن فيلتمان يحمل رؤية ومقاربة مختلفة حول الملف، تقوم على تخفيف العقوبات على سوريا. خلال الحرب السورية، كانت أولوية الرئيس باراك أوباما هي القضاء على التنظيمات المتطرفة في سوريا، وقد شاركت دمشق بشكل غير مباشر في محاربة تنظيم داعش إلى جانب التحالف الدولي، الأمر الذي يفتح الباب أمام سؤال، هل تتوقف إدارة بايدن عن مواجهة خطر تنظيم داعش؟
وإذا كان الجواب نعم، فإن نفوذ التنظيم الإرهابي تراجع إلى حد كبير في سوريا، بل إن أكثر المناطق التي يشن عليها التنظيم هجماته هي مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي ليس مستبعداً أن تتجه الإدارة الجديدة إلى شكل من أشكال التعاون مع الحكومة السورية.
دور الإمارات محوري في دعم السلام بالسودان
كشف القيادي بالجبهة الثورية، كبير مفاوضي تجمع قوى تحرير السودان، إبراهيم موسى زريبة أن الجبهة لديها برنامج لإنقاذ الفترة الانتقالية يقوم على المحافظة على تماسك شركاء الفترة الانتقالية، في ذات الوقت الذي امتدح فيه الدور الذي لعبته دولة الإمارات في منبر جوبا للتفاوض حتى تم التوصل إلى اتفاق السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، بينما دعا إلى معالجة الأزمة مع إثيوبيا بالطرق السلمية باعتبار أن إثيوبيا دولة جارة وشقيقة.
وقال زريبة في تصريح خاص لـ«البيان» حول الدور الإقليمي في دعم عملية الانتقال، إن عدداً من دول الإقليم أسهمت في مساندة السودان لمواجهة تحديات الانتقال، غير أنه أكد أن دولة الإمارات ظلت على قائمة الدول التي وقفت وقفة قوية لمساعدة السودان، لافتاً إلى أن تلك الوقفة ليست بالجديدة، إذ يحفظ السودانيون مواقف الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث لم ينقطع الدعم والعون الإماراتي عن السودان، وقال إنه وفي لحظة التغيير الأخير ظلت دولة الإمارات بجانب الحكومة الانتقالية، كما رعت بالكامل منبر جوبا للمفاوضات بين الحكومة والجبهة الثورية إلى أن تم التوصل إلى عملية السلام.
وأضاف «كانت الإمارات موجودة على طاولة التفاوض كداعم للتوافق، بالإضافة لرعاية المنبر، ولعبت أدواراً مباشرة للتقريب بين الأطراف السودانية».
شراكة
إلى ذلك، قال زريبة إن الشراكة الثلاثية بين (المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وأطراف العملية السلمية) منوط بها العبور بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان، ما يضع عليهم واجب الخروج من الأزمة الاقتصادية وحفظ الأمن لا سيما في ظل التفلتات الأمنية في غرب البلاد وكردفان والشرق، مشدداً على ضرورة إغلاق هذه الدائرة الأمنية، بجانب العمل على معالجة أزمة العلاقات الخارجية، ولفت إلى أن السودان في حالة توتر في الإقليم، في إشارة إلى ما يحدث في حدوده مع دولة إثيوبيا، ما يستدعي التحرك في محاور عدة لكي يجد السودان الدعم والسند الدولي، ومعالجة الأزمة مع إثيوبيا بالطرق السلمية باعتبار أن إثيوبيا دولة جارة وشقيقة.
الانفتاح
وأكد القيادي بالجبهة الثورية أن السودان يعيش واقعاً جديداً بعد سقوط النظام السابق الذي ضرب على السودان طوقاً من العزلة الدولية، ما يجعل الفرص أمامه متاحة للانفتاح إقليمياً ودولياً، غير أنه أشار إلى أن ذلك يتطلب التعامل بشكل واعٍ مع العالم لتحقيق مصالح الشعب السوداني في إطار أمنه القومي، وكذلك يتطلب أن تحظى مشاكل الانتقال العادية بالانتباه في برنامج الحكومة المقبل، مع الاستمرار في عملية إزالة التمكين، بجانب تشخيص مكامن الاحتكار والسيطرة على الاقتصاد ومحاربة الفساد وعدم الشفافية، حتى تمر الفترة الانتقالية بسلام وتقود مباشرة إلى الديمقراطية التي أصبحت الآن أمراً ماثلاً، لا سيما بعد وصول رئيس بعثة اليونتامس والتي تتمثل مهمتها في حماية الفترة الانتقالية.
أفريقيا.. القارة السمراء في مرمى الإرهاب
منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، مرّ الإرهاب في أفريقيا بسلسلة مراحل، بداية من الاستعمار وحتى المرحلة الأخطر التي اتخذ فيها العمل الإرهابي الطابع المنظم حالياً، من خلال تنظيمات عابرة للحدود، مروراً بمرحلة السبعينيات الخطيرة مع بروز التنظيمات التكفيرية، وحتى انتباه العالم لحجم وخطورة الإرهاب في القارة، ومن ثم تبني رؤى استراتيجية لمواجهته، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي شكّلت مرحلة فاصلة في التعاطي الإقليمي والدولي مع قضايا الإرهاب في القارة السمراء.
في مرحلة الستينيات، وبحسب تقرير سابق لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، كانت العوامل الرئيسية المُحرّكة للعنف، هي مشكلات الحدود وفشل وعود التنمية والاستقرار بعد الاستقلال، وكذا الفساد وسوء الإدارة والتهميش والاستيلاء على السلطة، وحتى الاختلافات الأيديولوجية بين النُّظم والجماعات، وصولاً إلى النزعات الانفصالية.
فيما اتسمت المرحلة الثانية، خلال السبعينيات، بارتباطها بقضايا غير أفريقية. أما المرحلة الثالثة وهي الأخطر، بحسب المرصد، فقد اتخذ العنف فيها «الطابع المؤسسي الممتد داخلياً والمحكوم خارجياً»، من خلال هيمنة تنظيمي القاعدة وداعش على عمليات العنف والإرهاب في أفريقيا.
وفي طور تطور الإرهاب في القارة، شكّلت هزيمة «داعش» في سوريا والعراق، هزّات عنيفة للتنظيمات المتطرفة، والتي وجدت في القارة السمراء بيئة خصبة ومناسبة للتمدد وبناء قواعدها من جديد، واستقطاب عناصر جديدة؛ استغلالاً للمشكلات التي يغرق فيها عديد من دول القارة، لا سيما مشكلات عدم الاستقرار السياسي في بعض تلك الدول.
ومن ثمّ تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية بشكل لافت، حتى أن العام 2020، وبالرغم من جائحة كورونا العالمية، شهد في الستة أشهر الأولى منه 1168 هجوماً إرهابياً، بزيادة بنحو 18 % في عدد العمليات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وفق معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا، ما يعكس حالة التطور وتصاعد الهجمات استغلالاً للثغرات الأمنية الموجودة.
تعويض خسائر
وعلى رغم من عدم توفر إحصاء دقيق لعدد العمليات الإرهابية التي تشهدها القارة، والتي وصلت إلى مناطق جديدة مثل البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا، وحجم ضحايا الإرهاب، مع اختلاف تقديرات المراصد ومراكز الأبحاث ذات الصلة، إلا أن العامل المشترك في تقارير ودراسات الإرهاب وتطوره في أفريقيا، يعكس اتجاه التنظيمات الإرهابية بشكل متسارع في القارة السمراء، كمركز رئيسي لها، يُعوّض خسائر «داعش» في سوريا والعراق، ما يلقي بمزيد من التحديات على كاهل الدول الأفريقية التي يعاني بعضها بالأساس من أزمات خانقة.
وتبزغ - إلى جانب الجهود الوطنية - جهود دولية داعمة لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، بينها الحضور الفرنسي، على سبيل المثال، في غرب أفريقيا وحتى الدور الأمريكي في شرق القارة، لكنّ تلك الجهود تظل مقتصرة على عوامل المواجهة الأمنية (استخدام القوة) دونما علاج للأسباب الحقيقية الدافعة لنمو الإرهاب في القارة، ما يجعل تلك المعالجة غير ناجعة في إنهاء وجود التنظيمات بشكل كامل.
وبالتالي فإن المعطيات الجديدة على الساحة ومع تطور أساليب التنظيمات الإرهابية، تتطلب - بحسب مراقبين - تطوير استراتيجيات المواجهة، بما يضمن علاج الأسباب الجذرية لنمو الإرهاب في القارة، وسد الثغرات التمويلية وحتى الثقافية والفكرية، فيما يُعرف بتعزيز أطر وسياقات المواجهة الشاملة.
سمات رئيسية
تقرير تحولات الإرهاب في أفريقيا في العام 2020، الصادر عن مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، رصد أبرز سمات وملامح العمليات الإرهابية خلال العام 2020، وما يرتبط بها من قضايا مكافحة الإرهاب.
جاء في مقدمة تلك السمات «تزايد واتساع الرقعة الجغرافية للعمليات الإرهابية»، بالإشارة إلى وصول تلك العمليات إلى دول كانت بعيدة إلى حد ما عن مسرح العمليات مثل منطقة البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا وغربها.
ومن بين السمات التي سلّط التقرير الضوء عليها، ما يرتبط بتصاعد حضور «داعش» الذي - بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي - لم يتفكك، بل سعى لإقامة قواعد له في الصحراء الكبرى وجنوب أفريقيا، في ست دول على الأقل هي (موزمبيق والكونغو الديمقراطية ومالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا)، وكان له دور كبير في أشهر الهجمات الإرهابية التي شهدتها دول أقاليم جنوب الصحراء.
حدثان مهمان
التقرير الذي أعدّته خبيرة الشؤون الأفريقية د. أميرة محمد عبد الحليم، سلّط الضوء أيضاً على حدثين لافتين شهدتهما القارة فيما يتعلق بعمليات مكافحة الإرهاب؛ الأول مرتبط باغتيال قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، عبد المالك دوراكدال أو أبو مصعب عبد الودود في شهر يونيو 2020، وهو ما عُدَّ «تحولاً كبيراً في مسار التنظيم». والحدث الثاني مرتبط بالإعلان عن انسحاب بعض القوات المتدخلة لمحاربة الإرهاب، في مؤشر يُظهر حجم التناقضات التي تشهدها جهود مكافحة الإرهاب.
وكانت المحطة «الأبشع» خلال العام في سياق العمليات الإرهابية، في شهر نوفمبر الماضي، بقيام الجماعات المسلّحة في نيجيريا بذبح 43 مزارعاً، لتنضم إلى جملة العمليات الإرهابية التي شهدها العام، والتي كانت أكثر أقاليم القارة تضرراً منها هو إقليم غرب القارة، ثم إقليم شرق القارة، طبقاً لما تظهره تقارير «عدسة الإرهاب في أفريقيا» الصادرة عن مؤسسة ماعت الحقوقية بالقاهرة.
وتيرة متسارعة
بدأت التنظيمات المتطرّفة تتخذ من قارة أفريقيا كقارة بديلة أو ملاذ آمن بعد فشل مخطط «داعش» في سوريا والعراق، وإعلان هزيمته رسمياً.
ومنذ ذلك، وفق الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن الإرهاب في القارة بدأ يتخذ وتيرة متسارعة، مستغلاً ضعف التنمية لدى عواصم عدة بالقارة، وكذلك ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ما مكّن جماعات العنف والتطرف، سواء المحلية أم الإقليمية من التواجد بصورة كبيرة داخل عدد من الدول، وأغلب تلك التنظيمات - على غرار تنظيم بوكو حرام في نيجيريا - سبقت وأعلنت مبايعتها لـ «داعش»، ومنها تنظيمات تبايع «القاعدة» مثل حركة الشباب الصومالية.
رقابة ضعيفة
ويشير أديب، في تصريحات لـ «البيان» من القاهرة، إلى أن «فكرة التنقل ما بين حدود العواصم الأفريقية دون وجود رقابة حقيقية عزّزت وجود جماعات العنف والتطرف، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء وكذلك القرن الأفريقي»، لافتاً في السياق ذاته إلى تأثير الصراع السياسي الدائر في ليبيا وتدخل بعض الدول، ما أدى إلى «تمركز هذه التنظيمات في هذه الدولة، ومنها وإليها ينتقل هؤلاء المتطرفون بشكل جعل قارة أفريقيا بكاملها هي قارة موبوءة بالتنظيمات المتطرفة، بل وتضع هذه التنظيمات عينها على هذه القارة وتسعى بشكل حثيث إلى إنشاء الدولة البديلة لدولة داعش المزعومة».
50456
أشار مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 إلى أن العدد الإجمالي للوفيات والهجمات الإرهابية في أفريقيا بين عامي 2007 و2019 بلغ 50456 ضحية، وتؤكد المعطيات أن أغلبية النشاطات والحوادث المتعلقة بالإرهاب حدثت في بلدان «مركز البؤرة» التي عانت من 62 في المئة من مجموع الهجمات، و68 في المئة من مجموع الوفيات في أفريقيا.
52
أكد مرصد الأزهر في تقرير له مطلع العام الجاري، أن ديسمبر الماضي شهد 52 عملية إرهابية، وهو نفس عدد العمليات خلال نوفمبر. وأشار إلى أن حركة الشباب الإرهابية نفذت خلال ديسمبر 22 هجوماً ، بينها 7 في كينيا، وأسفرت عملياتهم عن 77 قتيلاً، وعشرات الإصابات، فيما تراجع نشاط الحركة في الصومال.
91
تشير معطيات متعلقة بالإرهاب في القارة الأفريقية إلى أن جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، قامت بتكثيف نشاطها الإرهابي غرب القارة الأفريقية موقعة 91 قتيلاً وأكثر من 120 جريحاً. وورد أن الجماعة نفذت 18 عملية إرهابية، بينها 12 عملية في نيجيريا، و5 في النيجر، وواحدة في الكاميرون.
جماعات متطرفة أمريكية تتحدى رؤية بايدن
في الوقت الذي وضع فيه الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن شعار «أمريكا متحدة» كهدف رئيسي يعالج به حالة الانقسام الداخلي في المجتمع الأمريكي، بات من بين التحديات والعقبات أمام إدارته هو التعامل مع الانتشار واسع النطاق في جماعات الكراهية والعنصرية في هذا المجتمع متعدد الثقافات والأعراق.
وأخطر ما يسعى مسؤولو الإدارة الجديدة إلى مواجهته هو زيادة نشاط تلك الجماعات ذات التوجهات المتطرفة عبر الإنترنت.
تقرير حديث صدر عن مؤسسة «إس بي إل سي» القانونية الأمريكية كشف عن وجود 320 منظمة توصف بأنها جماعات كراهية ولها فروع تقدربـ 838 فرعاً نشطاً تعمل في داخل الولايات المتحدة اعتباراً من عام 2020.
ورغم تراجع هذا العدد نسبياً عن مستواه في العام السابق 2019، لكن هذا لم يواكبه تراجع في أنشطة تلك الجماعات.
ناقوس الخطر
تقول مارجريت هوانج الرئيسة التنفيذية للمؤسسة إنه «على مدى ثلاثة عقود، حاولنا دق ناقوس الخطر بشأن تلك الجماعات، وتنامي حجمها وما تشكله من مخاطر، كما بات أكثر وضوحاً اليوم عن أي وقت مضى أن الولايات المتحدة تواجه تهديداً متزايداً من قبل المتطرفين الذين يتنامى حجمهم محلياً، ويتنوعون ما بين الميليشيات المعادية للحكومة وبين الجماعات المنادية بتفوق ذوي البشرة البيضاء».
ويشير التقرير إلى أن تزايد حالة التشابك والتفاعل بين جماعات الكراهية عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد يكون أكثر خطراً من التجمعات المباشرة، حيث يمكن لأفراد مجهولين الدخول إلى منتديات مثل «قانون» و«بوجالو»، وغالباً ما يؤدي النشاط الافتراضي إلى جماعة أضخم من المشاركين.
أحداث الشغب
وبدورها تقول سوزان كورك مديرة المشروع المعلوماتي بمؤسسة «إس بي إل سي»، إن أحداث الشغب في مقر الكونجرس «الكابيتول» بواشنطن واقتحامه يوم 6 يناير الماضي كان تراكماً لأعوام من حالة التطرف اليميني في الولايات المتحدة، وجاءت نتاجاً لمساندة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمتهم بتشجيع أفراد وجماعات من المتطرفين على تبني نظريات المؤامرة مع وصف الانتخابات الرئاسية السابقة بأنها «انتخابات مسروقة» والتي فاز فيها جو بايدن بالرئاسة على ترامب.
ورغم أن ترامب ولى من البيت الأبيض، فإن حركة القوميين البيض واليمينيين ما زالت تتطلع لاستعادة زمام الأمور مستقبلاً. وحمل التقرير عنوان «عام من الكراهية والتطرف» والذي تضمن تسجيل 4900 حادث قامت فيها جماعات متطرفة بالدعاية لأفكارها الأيديولوجية من خلال الأوراق الدعائية التي حملت محتوى عدوانياً وتحريضياً وعنصرياً.
وإحدى تلك الجماعات هناك واحدة تسمي نفسها «كو كلوكس كلان»، والتي طالما روجت لنظريات تفوق البيض، لكن صوتها خفت بصورة واضحة عبر السنوات لتفسح المجال لجماعات حديثة أخرى.
ويعتبر مؤلفو التقرير أن من الصعب رصد العدد الدقيق للعنصريين من أنصار فكرة تفوق ذوي البشرة البيضاء خصوصاً بعد انتقال تفاعلهم إلى المنصات الإلكترونية.
وتبقى أمام إدارة الرئيس الأمريكي الجديد أن تجد لنفسها أسلوبها الخاص لتهدئة تلك المشاعر العدائية في داخل المجتمع الأمريكي والتي كشفت عنها حوادث عدة في سنوات حكم الرئيس السابق ترامب.
إسقاط خلية حوثية نفذت 20 تفجيراً إرهابياً بالساحل الغربي لليمن
أعلنت القوات المشتركة عن إسقاط خلية إرهابية حوثية لزراعة وتفجير العبوات الناسفة بالساحل الغربي، نفذت 20 تفجيراً إرهابياً في مديريتي المخا والخوخة بالساحل الغربي.
ونشرت القوات تفاصيل عملية إسقاط الخلية الإرهابية والتي شملت اعترافات عناصر الخلية الحوثية الإرهابية التي نفذت 20 تفجيراً إرهابياً استهدفت المدنيين والقوات المشتركة في مديريتي المخا والخوخة.
إلى ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها البالغ لعدم تقديم جماعة الحوثي الضمانات الأمنية المطلوبة لوصول الخبراء الأمميين إلى الناقلة «صافر» التي ترسو قبالة سواحل محافظة الحديدة على البحر الأحمر غربي اليمن.
وقال ستيفان دوغريك، المتحدث باسم أمين عام المنظمة الأممية، في بيان له إن «مراجعة جماعة الحوثي موافقتها السابقة على وصول الفريق الأممي إلى الناقلة صافر قد يؤدي إلى مزيد من التأخير في المهمة وكذلك زيادة تكلفة المهمة بمئات الآلاف من الدولارات».
وأعرب البيان عن القلق الشديد من وجود مؤشرات تشي بأن الحوثيين يدرسون مراجعة موافقتهم الرسمية على مهمة انتشار الفريق الأممي ووصوله إلى الناقلة (مطلع مارس المقبل)، وأعرب البيان عن الأمل في الحصول على التزام متجدد لحل هذه المسألة العاجلة في أقرب وقت.
غموض حول «فريق سوريا» في إدارة بايدن
مضت على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ما يقارب أسبوعين، حيث أوغلت في الملفات الداخلية وعلى رأسها كورونا، فيما نسف بايدن بعض قرارات الرئيس السابق بينما بقيت ملفات حيوية شاغرة ومن بينها الملف السوري.
بعد مغادرة المبعوث الأمريكي السابق جويل رايبورن الملف السوري في العشرين من الشهر الأول من العام الجاري، بقي منصب المسؤول الأمريكي للملف السوري مجهولاً وغامضاً حتى الآن، فيما لم يتم تداول البديل في الوقت الذي تتحرك فيه الساحة السورية على المستويات الأمنية والسياسية.
وفي الوقت الذي رتبت إدارة بايدن الفريق على مستوى مستشاري الأمن القومي ووزارة الخارجية والملف النووي الإيراني، بقي الملف السوري طي الصمت بانتظار الإعلان عن رئيس الفريق الجديد، إلا أن المؤشرات تشير إلى تراجع اهتمام إدارة بايدن بالملف السوري، خصوصاً بعد تفكيك الفريق القديم.
وفي هذا الإطار، عينت الإدارة الأمريكية زهرة بيللي، الدبلوماسية التي كانت تعمل في أنقرة، مسؤولة المنظمات في سوريا كمنسقة في مكتب الأمن القومي في واشنطن، وهي المسؤولة عن تقديم التقارير إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بريت ماكغورك، بينما كانت زهرة من المطلعين عن قرب على الملف السوري، وأدارت الحوار (الكردي - الكردي) في شمال شرق سوريا.
ترشيحات
وتدور الترشيحات اليوم حول الدبلوماسي الأمريكي المعروف جيفري فيلتمان ليكون خليفة لجويل رايبورن، وفي حال صحة هذه الأنباء، فإن الإدارة الأمريكية تتجه إلى مستوى جديد من التعامل مع الملف السوري، خصوصاً وأن فيلتمان يحمل رؤية ومقاربة مختلفة حول الملف، تقوم على تخفيف العقوبات على سوريا. خلال الحرب السورية، كانت أولوية الرئيس باراك أوباما هي القضاء على التنظيمات المتطرفة في سوريا، وقد شاركت دمشق بشكل غير مباشر في محاربة تنظيم داعش إلى جانب التحالف الدولي، الأمر الذي يفتح الباب أمام سؤال، هل تتوقف إدارة بايدن عن مواجهة خطر تنظيم داعش؟
وإذا كان الجواب نعم، فإن نفوذ التنظيم الإرهابي تراجع إلى حد كبير في سوريا، بل إن أكثر المناطق التي يشن عليها التنظيم هجماته هي مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي ليس مستبعداً أن تتجه الإدارة الجديدة إلى شكل من أشكال التعاون مع الحكومة السورية.
دور الإمارات محوري في دعم السلام بالسودان
كشف القيادي بالجبهة الثورية، كبير مفاوضي تجمع قوى تحرير السودان، إبراهيم موسى زريبة أن الجبهة لديها برنامج لإنقاذ الفترة الانتقالية يقوم على المحافظة على تماسك شركاء الفترة الانتقالية، في ذات الوقت الذي امتدح فيه الدور الذي لعبته دولة الإمارات في منبر جوبا للتفاوض حتى تم التوصل إلى اتفاق السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، بينما دعا إلى معالجة الأزمة مع إثيوبيا بالطرق السلمية باعتبار أن إثيوبيا دولة جارة وشقيقة.
وقال زريبة في تصريح خاص لـ«البيان» حول الدور الإقليمي في دعم عملية الانتقال، إن عدداً من دول الإقليم أسهمت في مساندة السودان لمواجهة تحديات الانتقال، غير أنه أكد أن دولة الإمارات ظلت على قائمة الدول التي وقفت وقفة قوية لمساعدة السودان، لافتاً إلى أن تلك الوقفة ليست بالجديدة، إذ يحفظ السودانيون مواقف الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث لم ينقطع الدعم والعون الإماراتي عن السودان، وقال إنه وفي لحظة التغيير الأخير ظلت دولة الإمارات بجانب الحكومة الانتقالية، كما رعت بالكامل منبر جوبا للمفاوضات بين الحكومة والجبهة الثورية إلى أن تم التوصل إلى عملية السلام.
وأضاف «كانت الإمارات موجودة على طاولة التفاوض كداعم للتوافق، بالإضافة لرعاية المنبر، ولعبت أدواراً مباشرة للتقريب بين الأطراف السودانية».
شراكة
إلى ذلك، قال زريبة إن الشراكة الثلاثية بين (المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وأطراف العملية السلمية) منوط بها العبور بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان، ما يضع عليهم واجب الخروج من الأزمة الاقتصادية وحفظ الأمن لا سيما في ظل التفلتات الأمنية في غرب البلاد وكردفان والشرق، مشدداً على ضرورة إغلاق هذه الدائرة الأمنية، بجانب العمل على معالجة أزمة العلاقات الخارجية، ولفت إلى أن السودان في حالة توتر في الإقليم، في إشارة إلى ما يحدث في حدوده مع دولة إثيوبيا، ما يستدعي التحرك في محاور عدة لكي يجد السودان الدعم والسند الدولي، ومعالجة الأزمة مع إثيوبيا بالطرق السلمية باعتبار أن إثيوبيا دولة جارة وشقيقة.
الانفتاح
وأكد القيادي بالجبهة الثورية أن السودان يعيش واقعاً جديداً بعد سقوط النظام السابق الذي ضرب على السودان طوقاً من العزلة الدولية، ما يجعل الفرص أمامه متاحة للانفتاح إقليمياً ودولياً، غير أنه أشار إلى أن ذلك يتطلب التعامل بشكل واعٍ مع العالم لتحقيق مصالح الشعب السوداني في إطار أمنه القومي، وكذلك يتطلب أن تحظى مشاكل الانتقال العادية بالانتباه في برنامج الحكومة المقبل، مع الاستمرار في عملية إزالة التمكين، بجانب تشخيص مكامن الاحتكار والسيطرة على الاقتصاد ومحاربة الفساد وعدم الشفافية، حتى تمر الفترة الانتقالية بسلام وتقود مباشرة إلى الديمقراطية التي أصبحت الآن أمراً ماثلاً، لا سيما بعد وصول رئيس بعثة اليونتامس والتي تتمثل مهمتها في حماية الفترة الانتقالية.
أفريقيا.. القارة السمراء في مرمى الإرهاب
منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، مرّ الإرهاب في أفريقيا بسلسلة مراحل، بداية من الاستعمار وحتى المرحلة الأخطر التي اتخذ فيها العمل الإرهابي الطابع المنظم حالياً، من خلال تنظيمات عابرة للحدود، مروراً بمرحلة السبعينيات الخطيرة مع بروز التنظيمات التكفيرية، وحتى انتباه العالم لحجم وخطورة الإرهاب في القارة، ومن ثم تبني رؤى استراتيجية لمواجهته، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي شكّلت مرحلة فاصلة في التعاطي الإقليمي والدولي مع قضايا الإرهاب في القارة السمراء.
في مرحلة الستينيات، وبحسب تقرير سابق لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، كانت العوامل الرئيسية المُحرّكة للعنف، هي مشكلات الحدود وفشل وعود التنمية والاستقرار بعد الاستقلال، وكذا الفساد وسوء الإدارة والتهميش والاستيلاء على السلطة، وحتى الاختلافات الأيديولوجية بين النُّظم والجماعات، وصولاً إلى النزعات الانفصالية.
فيما اتسمت المرحلة الثانية، خلال السبعينيات، بارتباطها بقضايا غير أفريقية. أما المرحلة الثالثة وهي الأخطر، بحسب المرصد، فقد اتخذ العنف فيها «الطابع المؤسسي الممتد داخلياً والمحكوم خارجياً»، من خلال هيمنة تنظيمي القاعدة وداعش على عمليات العنف والإرهاب في أفريقيا.
وفي طور تطور الإرهاب في القارة، شكّلت هزيمة «داعش» في سوريا والعراق، هزّات عنيفة للتنظيمات المتطرفة، والتي وجدت في القارة السمراء بيئة خصبة ومناسبة للتمدد وبناء قواعدها من جديد، واستقطاب عناصر جديدة؛ استغلالاً للمشكلات التي يغرق فيها عديد من دول القارة، لا سيما مشكلات عدم الاستقرار السياسي في بعض تلك الدول.
ومن ثمّ تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية بشكل لافت، حتى أن العام 2020، وبالرغم من جائحة كورونا العالمية، شهد في الستة أشهر الأولى منه 1168 هجوماً إرهابياً، بزيادة بنحو 18 % في عدد العمليات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وفق معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا، ما يعكس حالة التطور وتصاعد الهجمات استغلالاً للثغرات الأمنية الموجودة.
تعويض خسائر
وعلى رغم من عدم توفر إحصاء دقيق لعدد العمليات الإرهابية التي تشهدها القارة، والتي وصلت إلى مناطق جديدة مثل البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا، وحجم ضحايا الإرهاب، مع اختلاف تقديرات المراصد ومراكز الأبحاث ذات الصلة، إلا أن العامل المشترك في تقارير ودراسات الإرهاب وتطوره في أفريقيا، يعكس اتجاه التنظيمات الإرهابية بشكل متسارع في القارة السمراء، كمركز رئيسي لها، يُعوّض خسائر «داعش» في سوريا والعراق، ما يلقي بمزيد من التحديات على كاهل الدول الأفريقية التي يعاني بعضها بالأساس من أزمات خانقة.
وتبزغ - إلى جانب الجهود الوطنية - جهود دولية داعمة لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، بينها الحضور الفرنسي، على سبيل المثال، في غرب أفريقيا وحتى الدور الأمريكي في شرق القارة، لكنّ تلك الجهود تظل مقتصرة على عوامل المواجهة الأمنية (استخدام القوة) دونما علاج للأسباب الحقيقية الدافعة لنمو الإرهاب في القارة، ما يجعل تلك المعالجة غير ناجعة في إنهاء وجود التنظيمات بشكل كامل.
وبالتالي فإن المعطيات الجديدة على الساحة ومع تطور أساليب التنظيمات الإرهابية، تتطلب - بحسب مراقبين - تطوير استراتيجيات المواجهة، بما يضمن علاج الأسباب الجذرية لنمو الإرهاب في القارة، وسد الثغرات التمويلية وحتى الثقافية والفكرية، فيما يُعرف بتعزيز أطر وسياقات المواجهة الشاملة.
سمات رئيسية
تقرير تحولات الإرهاب في أفريقيا في العام 2020، الصادر عن مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، رصد أبرز سمات وملامح العمليات الإرهابية خلال العام 2020، وما يرتبط بها من قضايا مكافحة الإرهاب.
جاء في مقدمة تلك السمات «تزايد واتساع الرقعة الجغرافية للعمليات الإرهابية»، بالإشارة إلى وصول تلك العمليات إلى دول كانت بعيدة إلى حد ما عن مسرح العمليات مثل منطقة البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا وغربها.
ومن بين السمات التي سلّط التقرير الضوء عليها، ما يرتبط بتصاعد حضور «داعش» الذي - بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي - لم يتفكك، بل سعى لإقامة قواعد له في الصحراء الكبرى وجنوب أفريقيا، في ست دول على الأقل هي (موزمبيق والكونغو الديمقراطية ومالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا)، وكان له دور كبير في أشهر الهجمات الإرهابية التي شهدتها دول أقاليم جنوب الصحراء.
حدثان مهمان
التقرير الذي أعدّته خبيرة الشؤون الأفريقية د. أميرة محمد عبد الحليم، سلّط الضوء أيضاً على حدثين لافتين شهدتهما القارة فيما يتعلق بعمليات مكافحة الإرهاب؛ الأول مرتبط باغتيال قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، عبد المالك دوراكدال أو أبو مصعب عبد الودود في شهر يونيو 2020، وهو ما عُدَّ «تحولاً كبيراً في مسار التنظيم». والحدث الثاني مرتبط بالإعلان عن انسحاب بعض القوات المتدخلة لمحاربة الإرهاب، في مؤشر يُظهر حجم التناقضات التي تشهدها جهود مكافحة الإرهاب.
وكانت المحطة «الأبشع» خلال العام في سياق العمليات الإرهابية، في شهر نوفمبر الماضي، بقيام الجماعات المسلّحة في نيجيريا بذبح 43 مزارعاً، لتنضم إلى جملة العمليات الإرهابية التي شهدها العام، والتي كانت أكثر أقاليم القارة تضرراً منها هو إقليم غرب القارة، ثم إقليم شرق القارة، طبقاً لما تظهره تقارير «عدسة الإرهاب في أفريقيا» الصادرة عن مؤسسة ماعت الحقوقية بالقاهرة.
وتيرة متسارعة
بدأت التنظيمات المتطرّفة تتخذ من قارة أفريقيا كقارة بديلة أو ملاذ آمن بعد فشل مخطط «داعش» في سوريا والعراق، وإعلان هزيمته رسمياً.
ومنذ ذلك، وفق الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن الإرهاب في القارة بدأ يتخذ وتيرة متسارعة، مستغلاً ضعف التنمية لدى عواصم عدة بالقارة، وكذلك ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ما مكّن جماعات العنف والتطرف، سواء المحلية أم الإقليمية من التواجد بصورة كبيرة داخل عدد من الدول، وأغلب تلك التنظيمات - على غرار تنظيم بوكو حرام في نيجيريا - سبقت وأعلنت مبايعتها لـ «داعش»، ومنها تنظيمات تبايع «القاعدة» مثل حركة الشباب الصومالية.
رقابة ضعيفة
ويشير أديب، في تصريحات لـ «البيان» من القاهرة، إلى أن «فكرة التنقل ما بين حدود العواصم الأفريقية دون وجود رقابة حقيقية عزّزت وجود جماعات العنف والتطرف، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء وكذلك القرن الأفريقي»، لافتاً في السياق ذاته إلى تأثير الصراع السياسي الدائر في ليبيا وتدخل بعض الدول، ما أدى إلى «تمركز هذه التنظيمات في هذه الدولة، ومنها وإليها ينتقل هؤلاء المتطرفون بشكل جعل قارة أفريقيا بكاملها هي قارة موبوءة بالتنظيمات المتطرفة، بل وتضع هذه التنظيمات عينها على هذه القارة وتسعى بشكل حثيث إلى إنشاء الدولة البديلة لدولة داعش المزعومة».
50456
أشار مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 إلى أن العدد الإجمالي للوفيات والهجمات الإرهابية في أفريقيا بين عامي 2007 و2019 بلغ 50456 ضحية، وتؤكد المعطيات أن أغلبية النشاطات والحوادث المتعلقة بالإرهاب حدثت في بلدان «مركز البؤرة» التي عانت من 62 في المئة من مجموع الهجمات، و68 في المئة من مجموع الوفيات في أفريقيا.
52
أكد مرصد الأزهر في تقرير له مطلع العام الجاري، أن ديسمبر الماضي شهد 52 عملية إرهابية، وهو نفس عدد العمليات خلال نوفمبر. وأشار إلى أن حركة الشباب الإرهابية نفذت خلال ديسمبر 22 هجوماً ، بينها 7 في كينيا، وأسفرت عملياتهم عن 77 قتيلاً، وعشرات الإصابات، فيما تراجع نشاط الحركة في الصومال.
91
تشير معطيات متعلقة بالإرهاب في القارة الأفريقية إلى أن جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، قامت بتكثيف نشاطها الإرهابي غرب القارة الأفريقية موقعة 91 قتيلاً وأكثر من 120 جريحاً. وورد أن الجماعة نفذت 18 عملية إرهابية، بينها 12 عملية في نيجيريا، و5 في النيجر، وواحدة في الكاميرون.