أداة بيد أردوغان .. من هو"عثمان كافالا" الذي أثار غضب تركيا ؟
الثلاثاء 19/أكتوبر/2021 - 02:43 م
طباعة
أميرة الشريف
رغم المطالبات الدولية الأوروبية والأمريكية بالإفراج عن الناشط ورجل الأعمال التركي عثمان كافالا، إلا أن أنقرة مصرة على سجنه بمزاعم ضلوعه بمحاولة الانقلاب عام 2016 ، واستدعت وزارة الخارجية التركية سفراء عشر دول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا بسبب بيان يطالب بالإفراج العاجل عن رجل الأعمال عثمان كافالا.
من هو عثمان كافالا
و"عثمان كافالا"، هو ناشط حقوقي ورجل أعمال تركي (64 عاما) تعود أصوله إلى اليونان حيث بلدة كافالا، انتقلت عائلته إلى تركيا في عام 1923، ضمن ما عرف باسم التبادل السكاني بين تركيا العثمانية واليونان.
درس كافالا الإدارة في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، والاقتصاد في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، ثم بدأ برنامج الدكتوراه في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، لكنه عاد إلى اسطنبول عندما توفي والده عام 1982.
بعد عودته تولى إدارة شركات مجموعة كافالا في عام 1982. انضم إلى تأسيس جمعية İletişim Yayınları وهي شركة نشر مستقلة مقرها اسطنبول، في عام 1983 من أجل خدمة الديمقراطية في البلاد.
في عام 1999، تحول كافالا إلى ناشط في المجتمع المدني، وشارك في تشكيل وعمل العديد من المنظمات غير الحكومية المختلفة، منها مؤسسة مركز "ديار بكر" في عام 2002، والتي ساهمت في تنشيط البيئة الثقافية والفنية في ديار بكر، وجمعية الحفاظ على التراث الثقافي.
دعم كافالا العديد من منظمات المجتمع المدني منذ أوائل التسعينيات. وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة "Anadolu Kültür" ، وهي منظمة غير ربحية للفنون والثقافة مقرها في اسطنبول. وهو حاصل على عدة جوائز في التراث الأثري وحرية الفكر والتعبير.
وبعد عام من محاولة الانقلاب الفاشلة، أي في 2017، وجد كافالا نفسه متهما بالضلوع في محاولة الانقلاب على الحكم، وأودع السجن بتركيا، ولم يصدر في حقه أي حكم قضائي يدينه.
أوقف كافالا في مطار أتاتورك في إسطنبول في 18 أكتوبر 2017، بتهم بـ"محاولة قلب النظام الدستوري" و"الإطاحة بالحكومة"، وكذلك بتمويل التظاهرات المناهضة للحكومة التركية في 2013.
وبعد ذلك أعفي كافالا من تهمة محاولة الانقلاب، لكنه ظل قيد الحبس الاحتياطي بتهمة التجسس السياسي أو العسكري، وقد تعالت الأصوات الحقوقية والدولية مطالبة السلطات التركية بالإفراج عن كافالا.
مطالبات بالإفراج عن كافالا
دعا بيان بعض السفارات إلى حل عاجل وسريع لقضية كافالا، بعد أربع سنوات من احتجازه، قائلا إن القضية "تلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية".
وبرئت ساحة كافالا العام الماضي من اتهامات تتصل باحتجاجات على مستوى البلاد في عام 2013، لكن أُلغي الحكم هذا العام وتم دمج الاتهامات مع تلك الواردة في قضية أخرى مرتبطة بمحاولة انقلاب في 2016.
وتصف جماعات حقوقية محاكمات كافالا بأنها رمز لحملة قمع للمعارضة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقالت السفارات في البيان إن استمرار تأخير محاكمته، بما يتضمن دمج قضايا مختلفة واستحداث أخرى بعد تبرئة سابقة، يلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية وحكم القانون والشفافية في نظام القضاء التركي".
وأضافت "بالنظر إلى أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن هذا الأمر، فإننا نطالب تركيا بالإفراج العاجل عنه".
والدول الأخرى الوارد ذكرها في البيان هي كندا والدنمرك وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ردا على ذلك إن تركيا دولة قانون تنعم بالديمقراطية، مضيفا أن "قيام سفراء بتقديم توصية واقتراح على القضاء في قضية قائمة أمر غير مقبول".
وقال إن توصيتكم واقتراحكم يلقي بظلال من الشك على فهمكم للقانون والديمقراطية".
وقال وزير العدل عبد الحميد غول إن الدبلوماسيين بحاجة لاحترام القوانين وإن السفراء لا يمكنهم طرح اقتراحات على المحاكم.
وكان المجلس الأوروبي قد قال إنه سيبدأ إجراءات تتعلق بتجاوزات من جانب تركيا إن لم تفرج عن كافالا.
وستعقد الجلسة القادمة في قضية كافالا، الذي نفى جميع التهم عنه ويحاكَم مع آخرين، في 26 نوفمبر.
ورغم سجن عشرات الآلاف من الأتراك أو تجريدهم من وظائفهم بتهم واهية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن كافالا شكل مصدر التوتر في علاقات تركيا مع الغرب، بحسب "فرانس برس".
كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت بوجوب الإفراج عن كافالا فورا، وأن اعتقال كافالا كان بناء على دوافع سياسية، دون أي دليل معقول يدعم هذه الاتهامات. ومع ذلك، لم ينفذ المسؤولون الأتراك القرار وقالوا إن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليس نهائيا.
كما دعت الولايات المتحدة الأمريكية، أنقرة للإفراج فورا عنه، ووصفت التهم الموجهة إلى رجل الأعمال التركي بـ"الزائفة"، مشيرة إلى أن تلك التهم تقوض احترام وسيادة القانون.
كما نشر حساب "الحرية لكافالا" باللغة التركية على موقع تويتر، سلسلة تغريدات أكدت على حق الإفراج عن كافالا، وتحت هاشتاغ "عثمان كافالا".
أداة بيد أردوغان
أعرب كافالا المسجون قيد المحاكمة منذ عام 2017 عن شعوره بأنه مجرد أداة بيد إردوغان الذي يحاول الصاق تهم التآمر مع جهات خارجية بمعارضي حكمه في الداخل.
يمثل كافالا الذي رعى الكثير من النشاطات الثقافية والفنية نقيضا صارخا لاردوغان الذي يروج للإسلام السياسي ويحكم تركيا منذ عام 2003 بقبضة حديدية، بحسب فرانس برس.
وفي مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة، لا يتوقع كافالا الخروج من زنزانته في سجن اسطنبول في وقت قريب.
وقال في رد بالانجليزية من سجنه لفرانس برس "اعتقد ان السبب الحقيقي وراء اعتقالي المستمر هو حاجة الحكومة الى الابقاء على رواية ارتباط احتجاجات جيزي (2013) بمؤامرة اجنبية حية".
وأضاف: "بما أنني متهم بكوني جزءا من هذه المؤامرة المزعومة التي نظمتها قوى أجنبية، فإن إطلاق سراحي سيضعف هذه الرواية المشكوك فيها، وهذا ليس شيئا توده الحكومة".
ويقارن كافالا الملم بالتاريخ القضية الحالية ضده بقضية التجسس ضد الضابط الفرنسي ألفريد دريفوس أواخر القرن التاسع عشر التي تبين انها مدبرة على خلفية معاداة السامية، وايضا قضية التجسس (لحساب الاتحاد السوفيتي) المثيرة للجدل التي اتهم بها الزوجان جوليوس وايثل روزنبرغ قبل اعدامهما عام 1953.
وقال كافالا: "أفترض أن الملفات ضد دريفوس وروزنبيرغ كانت أفضل اعدادا من ملفاتي".
في حال إدانته يواجه كافالا عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، ويراقب كافالا، الذي يسمح له بقراءة الصحف ومشاهدة التلفزيون في زنزانته، آخر التطورات السياسية بقلق، متسائلا عما إذا كان إردوغان مستعدا لقبول هزيمة انتخابية محتملة.
وقال إن اردوغان وحزبه الحاكم، بحسب فرانس برس، "لا يعتبران خسارة السلطة نتيجة طبيعية للمشكلات الاقتصادية والمنافسة السياسية".
أضاف كافالا: "إنهم ينظرون الى تغيير الحكومة على أنه احتمال مزعج للغاية. أنا قلق من ازدياد التوتر السياسي في البلاد أكثر مع اقتراب الانتخابات".
ومن المقرر أن تعقد جلسة محاكمة لكافالا في 26 نوفمبر.
أخر ظهور لكافالا
وأخر ظهور لكافالا كان يوم الجمعة 9 من أكتوبر الحالي إذ مثل كافالا، لمحاكمة هي الثالثة خلال أربع سنوات من الاحتجاز بتهمة التآمر على الحكومة، ووصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "هزلية".
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن الادعاء التركي دمج قضايا ضد ثلاث مجموعات من المتهمين لإنشاء قضية جديدة ضد 52 شخصا، ويعد كافالا أبرز شخص في مجموعة ضمت مشجعي كرة القدم والخبراء البيئيين والفنانين الذين شاركوا في احتجاجات ميدان تقسيم عام 2013.
ووصفت منظمة العفو الدولية دمج القضايا بأنه "هزلي" و"تجاهل مروع لإجراءات المحاكمة العادلة".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن إردوغان سعى وراء معارضيه بعد احتجاجات تقسيم ومحاولة الانقلاب، لكن سعيه وراء البعض حير الكثيرين خاصة كافالا الذي لا يعد شخصية سياسية، بل عمله خيري ركز على إعادة البناء بعد الزلازل، وعلى البرامج الثقافية والفنية للأقليات.