استراتيجية جماعة الإخوان.. في محاولات العودة للحياة
الأربعاء 05/يناير/2022 - 10:12 م
طباعة
حسام الحداد
تحاول
جماعة الإخوان الإرهابية السيطرة على حالة الانقسام والصراع الداخلي
بالعودة إلى أوراق الماضي، أو ان صح التعبير العودة إلى الأدبيات المنظمة
للعمل الجماعي من خلال إعادة نشرها على قنواتها الخاصة على مواقع التواصل
الاجتماعي خصوصا موقع تيليجرام.
في
هذا السياق نشرت الجماعة "مجموعة لندن" أول أمس ورقة بعنوان "العمل
الجماعي للإسلام فريضة شرعية وضرورة بشرية"، لمفتي الجماعة الراحل "محمد
الخطيب" للتأكيد على أهمية وجود الجماعة وأن العمل من خلالها هو تكليف
الاهي وله قدسيته، وقد قمنا في بوابة الحركات الإسلامية بنشر هذه الورقة
ومناقشتها تحت عنوان:
واليوم
نناقش ورقة ثانية من أوراق الجماعة التي تعمل على اعادة نشرها على نطاق
واسع في محاولة منها لم شمل ما تبقى من عناصرها وربطهم بالتنظيم الدولي
بقيادة ابراهيم منير، لكسب جوله من الفريق المنشق "مجموعة اسطنبول" بزعامة
محمود حسين.
هذه الورقة
التي نشرتها الجماعة تحت العنوان نفسه "العمل الجماعي للإسلام فريضة شرعية
وضرورة بشرية"، وعنوانها الفرعي "ركائز العمل الجماعي في المشروع الحضاري
الإسلامي"، لكنها هذه المرة غير ممهورة بتوقيع أحد ما يؤكد أنه صادرة من
المكتب التنفيذي للجماعة في لندن.
قواعد وأصول:
تبدأ
الورقة بعنوان "قواعد وأصول" كمقدمة بسيطة لما سوف تناقشه الورقة والتأكيد
على أهمية العمل الجماعي كما جاء في نهاية هذه المقدمة " وعلى امتداد
الأحقاب والقرون لم تخل أمة الإسلام من هذه اللبنات التي تتمثل في الأفراد
الصالحين، ولكن العبرة في حركة التاريخ ونمو الحضارات وازدهارها ليست في
وجود الأفراد المخلصين الذين يتصفون بهذه الأخلاق فحسب، مهما بلغ صلاحهم
وتقواهم وإدراكهم لحقائق الأمور، مالم ينجح هذا الفرد في تحويل دعوته إلى
تيار عام يحمله المخلصون أمثاله ويعتصمون بحبل الله ويكونون على قلب رجل
واحد، ذلك لأن العبرة في وجود حركة جماعية صالحة وقادرة على أن تخلق تیارا
قويا غالبا لا ضعيفا ولا مغلوبا"، وربما يلفت انتباها هذه المقطع خصوصا في
رسائله المشفرة والتي تؤكد على الاهتمام بالقوة ونزع غطاء الضعف الذي حل
بالجماعة بعد ثورة الشعب المصري عليها في 30 يونيو 2013، يحاول مكتب لندن
في هذا الجزء من المقدمة أن يعيد الثقة للعناصر الإخوانية في جماعتها وأن
يؤكد على القوة واستخدامها في تحقيق أهداف الجماعة، تلك الدعوة التي تروج
لها مجموعة اسطنبول، متهمة مجموعة لندن بالاستكانة والضعف، وما يشغلنا هنا
ليست الاتهامات المتبادلة بين المجموعتين، المزايدة فيما بينهم على استخدام
القوة ولكن ما يشغلنا هو طبيعة هذه الرسائل وما تؤدي إليه في الداخل
المصري أولا وعلى الصعيد العالمي ثانيا، فأما على مستوى الداخل فتحمل رسائل
الجماعة باستخدام القوة اعطاء الضوء لعناصرها في الداخل بالعمل على تنفيذ
بعض من العمليات النوعية للفت الانتباه والضغط على الشعب المصري والحكومة
لفتح قنوات للتفاوض مع الجماعة.
وتؤكد
الجماعة في نهاية مقدمة هذه الورقة أن ما تقوم به انما هو أمر الهي لتزيد
من قدسيته وتقديم فتوى شرعية لاستخدام العنف حيث تقول الورقة "يقول الحق
بعزة المؤمن الذي يستمد قوته من الله ثم من الجماعة التي تقود هذا التيار
وهي تعي حاضرها وما في الأمة من قوة وضعف وتدرك إمكاناتها التي تتحرك
بحسبها، كما تدرك ما يحمله أعداء الإسلام من تهديد وعدوان قائم ومستمر على
الأمة ودينها ورجالها، فإن يقيننا أن مع كل عسر يسرا، وأن الله عز وجل يسوق
الفرص التي يجب علينا أن نقتنصها لنصرة دينه"، اذ تتخيل الجماعة أن الوقت
الأن قد حان لإعادة ممارسة العنف مرة اخرى بعد حالة الكمون التي تجاوزت
الخمس سنوات، فحسب مخيلتها ان الامن قد استكان ولم يعد يهتم بتأمين المرافق
والشواعر كما كان في السابق وتعد هذه فرصة للجماعة بعمل بعض من العمليات
النوعية لاثبات الوجود واعادة الزخم السياسي حولها مرة أخرى.
العمل الجماعي:
وفي
محاولة لتأكيد أهمية العمل الجماعي ونبذ الفرقة والصراع والانشقاق تستعين
الورقة بمقولات حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها الأول: " في منطق التاريخ
وحقائق الواقع المعاش لا يكفي أن يقوم أفراد محتسبون مخلصون من هنا وهناك
يعملون متفرقين للإسلام وإن كان عملهم قد يحقق بعض النفع المحدود للأمة كما
يحقق فائدة مرجوة لهم في ميزانهم " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره" ولكن
العمل الفردي في واقع الأمة الإسلامية لا يكفي لسد الثغرة وتحقيق الأمل
المرتجى إذ أن العمل الجماعي ضرورة شرعية وفريضة إيمانية".
وتشير
هنا إلى الانقسام والصراع الداخلي بين مجموعتي اسطنبول ولندن، وتؤكد في
الوقت نفسه أن ما تقوم به مجموعة اسطنبول هو محض عمل فردي لا يؤتي ثماره
ولا يكون في الصالح العام وصالح الجماعة وزيادة في تأكيد هذا تقول الورقة:
"إن القوى المعادية لرسالة الإسلام وأمته لا تعمل بطريقة فردية ولا في صورة
فئات وجماعات متعثرة، بل تعمل في صورة تكتلات وتجمعات منظمة غاية في
التنظيم، لها هياكلها وأنظمتها وقياداتها المحلية والعالمية، ومن الواجب
علينا أن نحارب أعدائنا بمثل ما يحاربوننا به، فالإسلام لا يعرف جماعة بغير
نظام، حتى الجماعة الصغرى في الصلاة"، وهكذا تؤكد مجموعة لندن الأثار
السلبية وخطر ما قامت به مجموعة اسطنبول في شق صف الجماعة، في رسالة واضحة
لعناصرها في الداخل والخارج إلى الالتفاف حول مجموعة لندن ومحاولات مراجعة
عناصر مجموعة اسطنبول لمواقفها، للم شمل الجماعة مرة أخرى لشن الحرب
المزعومة على أعداء الجماعة.
أهداف رئيسية:
تقدم الجماعة متمثلة في مجموعة لندن أهداف رئيسية تطالب عناصرها الالتزام بها والعمل على تحقيقها وتتمثل هذه الأهداف في:
أولا:
إيجاد أمة صالحة عابدة لله عالمة عاملة لها رسالة تنبع من مبادى عليا تعطي
عطاءا مستمرا وتجاهد في سبيل فكرتها وقف التدهور في الحالة الإسلامية التي
عليها الأمة.
ويمثل "الجهاد"
الركيزة الأولى في أهداف الجماعة في هذه المرحلة، تلك الركيزة التي دائما
ما تؤكد عليها مجموعة اسطنبول، وكان مجموعة لندن تزايد عليها في أهمية
الجهاد بالنسبة لها وأنه من الركائز الأولى للجماعة وهدفها الأول التي تعمل
عليه، دون أن تدخل في تفاصيل هذا الجهاد أو تبوح بالجهة التي توجه لها
عملية الجهاد، حرصا على حالة البين بين او التلميح دون التصريح حتى لا تقع
تحت طائلة الاتهام بالعنف.
ثانيا:
أن يكون على رأسها حكومة صالحة إسلامية طائعة لربها تحمل الأمة على الرشد
والسداد وتقودها إلى طاعة ربها وتحقيق ما تبتغيه الأمة من الخلافة الراشدة.
تؤكد
هنا الجماعة أهمية "الخلافة" وأن قضية الخلافة تظل في الصدارة وهي محور
الحركة والنشاط، وفي هذا اعتراف مستتر بأن الحكومات العربية ليست حكومات
اسلامية بحال، لأنها لا تحكم بشرع الله لأنها لم تطبق الخلافة الاسلامية،
وهنا اصرار واضح من الجماعة بشقيها مجموعة لندن ومجموعة اسطنبول على تكفير
الحكومات العربية والاسلامية الحالية.
ثالثا: صد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها أمتنا في دينها وهويتها وسلب مقدراتها بوجه عام وجماعتنا بوجه خاص.
وهنا
تؤكد الجماعة على عضويتها أهمية ما طرحته في بداية هذه الورقة من استخدام
القوة في الدفاع عن الجماعة وعن تواجدها، وكأنها تعطي اشارة خضراء لعناصرها
في الداخل الى استخدام القوة والعمل على تنفيذ عمليات نوعية كما أشرنا في
السابق.
الأهداف الثلاثة مجتمعة
تؤكد على نقلة نوعية للجماعة خصوصا مجموعة لندن، والتي لم تكن تصرح في
السابق بإمكانية استخدام القوة في مواجهة ما تراه عدوا للجماعة، أما الأن
وهي في حالة مزايدة مع مجموعة اسطنبول تدعو بشكل مباشر لاستخدام القوة
وتعطي عناصرها اشارات كثيرة للقيام بتنفيذ عمليات نوعية لمواجهة أعدائها.
محاور تحقيق الأهداف:
أما
الأليات التي تتخذها الجماعة في عملها كما حددته الورقة نتيجة تلك الأهداف
كما تقول الورقة: " وبناء على ما تقدم يتعين تقسيم عملنا المستقبلي إلى
مراحل، وأن نحدد لكل مرحلة مدة تقديرية تتناسب وما وضع لها من أهداف
ومشروعات تنفيذية وآليات عمل.
وقد
نفاجأ بأحداث داخلية وخارجية تقتضي اليقظة ودقة المتتابعة والتقييم
المتواصل، وقد تستلزم استدراكات وتعديلات، وتحليلا للواقع المستجد، وذلك
كله يدعونا إلى ضرورة تحديد:
1 - تقسيم ساحة العمل الواسعة إلى عدة محاور أو قطاعات.
2 - تحديد مجموعة من الأهداف قليلة العدد لكل قطاع.
3 - اقتراح عدد من المشروعات تمثل الأولويات.
4 - ضوابط وسياسات تحكم المسير.
وبهذا
تؤكد مجموعة لندن تفوقها بالنسبة لعناصر الجماعة على مجموعة اسطنبول
بتقديم استراتيجية شاملة للعمل خلال المرحلة القادمة، وهذا لم تحاول مجموعة
اسطنبول حتى الان عمله او تقديمه لعناصرها، حيث انها تتعامل بمنطق رد
الفعل حتى الان على القرارات التي تتخذها مجموعة لندن.
غير المسلمين:
في
محاولة من الجماعة "مجموعة لندن" لفت الانتباه لها والتأكيد على انفتاحها
العقائدي قدمت من خلال هذه الورقة ما يعد آليات للتعامل مع غير المسلمين في
محاولة من الجماعة لطمأنة الأقباط حال تواجدهم أو وصولهم للحكم، واللافت
للانتباه أن حديث الجماعة أو ما قدمته في هذه الورقة يتنافى تماما مع ما
قامت به او مارسته تجاه الأقباط في مصر سواء كان في الفترة التي وصلت فيها
الجماعة للحكم أو بعد عزلها، تقول الجماعة في هذه الورقة: "إن غير المسلمين
من أهل الكتاب لهم منزلة خاصة في الإسلام باعتبارهم أهل دين سماوي في
الأصل، ولهذه المنزلة أجاز لنا الإسلام أن نأكل ذبائحهم ونتزوج نساءهم
وتبادلهم العلاقات الحسنة ونجادلهم بالتي هي أحسن وباختصار (لهم ما لنا
وعليهم ما علينا)... ويجب على المسلمين فهم الأحكام الشرعية التي تضبط
التعامل معهم فهما صحيحا معتدلا مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم والالتزام الجازم بتطبيق هذه الأحكام كواجب شرعي وضرورة حتمية
لكسب ولائهم للإسلام والأمة الإسلامية"
ولا
يسعنا في مجابهة هذا الاقتباس الا اقتباس أخر لصفوت حجازي، فبعد حادث
الاعتداء على كنيسة العذراء بالوراق، قام نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي
بنشر فيديو للدكتور صفوت حجازي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، يهدد
فيه بحرق الكنيسة في حين تعاونت على إسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي.
حجازي
المحبوس حاليًا على ذمة عدة قضايا في الفيديو المنشور له من على منصة
رابعة العدوية قبل فض الاعتصام: "«رسالة للكنيسة، والله لو تآمرتم واتحدتم
مع الفلول لإسقاط مرسي سيكون لنا شأن آخر".
وأضاف
حجازي: "نعلم أن 60% من اللي عند الاتحادية نصارى، وعندنا تفاصيل كاملة
بالصوت والصورة للاجتماع اللي حصل في فيلا أحمد البرعي.. وعندنا نص كلمة
حمدين صباحي التي قال فيها: «سنملأ الميادين مظاهرات .. أما إخواننا في
الكنيسة سيتكفل بهم أخونا جورج اسحق».
وواصل
حجازي "أقول لإخواننا في الكنيسة.. نعم نحن إخوة في الوطن لكن هناك خطوط
حمراء.. والخط الأحمر الذي عندنا.. هو شرعية الرئيس محمد مرسي، واللي
هيرشها بالمية.. هنرشه بالدم"، فعن أي أخوة تتحدث مجموعة لندن وعن أي أحكام
شرعية؟
ضوابط حاكمة:
تنتهي
ورقة الجماعة بمجموعة من الضوابط الحاكمة في مسيرتها والتي تحددها مجموعة
لندن بسبع ضوابط، وتمثل هذه الضوابط استراتيجية العمل الإخواني الفترة
القادمة والتي أقرتها مجموعة لندن لمحاولة اعادة الوجود على الساحة
السياسية مرة أخرى، والمتمثل في الاهتمام بالمراكز البحثية والقنوات
الإعلامية، وجذب المتعاطفين والرموز الإسلامية العالمية، ومد جسور التعاون
مع الشخصيات والهيئات المؤثرة، واللافت للنظر هو الحديث عن البلاد المعادية
للغسلام دون تحديدها في اشارة مستترة للغرب خصوصا أوروبا بعد اتخاذها
مواقف صريحة ضد تواجد وانتشار الجماعة وفي القلب منها فرنسا والنمسا.