مهمة ضبط التصعيد الإسرائيلي الإيراني

الخميس 18/أبريل/2024 - 02:02 ص
طباعة
 
جاء الرد الإيراني على استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا بعد فترة من الانتظار دارت خلالها الكثير من التوقعات بشأن سيناريوهات الانتقام الإيراني من الكيان الإسرائيلي الذي نفذ سلسلة من العمليات استهدفت خلالها عددا من قيادات الحرس الثوري في سوريا، إضافة إلى عدد من المستشارين العسكريين.
حاولت إيران ابتلاع هذه العمليات على مدار شهور رغم الخسائر الكبيرة التي تتمثل في اغتيال شخصيات وازنة، ربما لأنها تخشى الدخول في حرب مفتوحة وشاملة لن تواجه فيها الكيان وحده، لكنها ستواجه الولايات المتحدة وبريطانيا، وغيره من أطراف غربية، مايعني أن الحرب لن تكون متكافئة، خاصة في ظل الاضطرابات الداخلية التي تعاني منها إيران، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها.
التحول اللافت في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة أنها خرجت عن قواعد الاشتباك المعهودة بين الجانبين، والتي حافظ عليها الطرفان خلال السنوات الماضية، والتي تتمثل في استهداف ميلشيات إيرانية بالمنطقة من جانب الكيان، وتحريك الأذرع الإيرانية للضغط من جانب طهران، فضلا عن حروب الظل التي اعتمدها الكيان والتي كان يستهدف خلالها أهداف في الداخل الإيراني من خلال هجمات سيبرانية وغيره من العمليات.
جاء الخروج عن قواعد الاشتباك من جانب الكيان الإسرائيلي باستهداف القنصلية الإيرانية في سوريا ليضع إيران في الزاوية ويجعلها أمام خيار وحيد يحفظ لها مكانتها، حتى وإن كان هذا الرد ليس على قدر الضربة الإسرائيلية أو ليس لها نفس التأثير، لكنه على الأقل يجعلها قادرة على الاستمرار في سردية الندّية والاتساق مع حالة التصعيد الكلامي الذي لم يصل إليه التنفيذ الفعلي في أي وقت، لكن إثارة حالة من الجدل في المنطقة يكفي إيران التي تحاول أن تظل حاضرة في المشهد.
لم يكن من المناسب بعد الاستهداف الإسرائيلي الذي خرج عن قواعد التصعيد المعهودة أن تستمر إيران في ردودها التقليدية التي تعتمد على الضغط عبر الأذرع بعيدا عن المركز الذي يخشى أن تصله نيران التصعيد، لذلك كانت المرة الأولى التي يكون فيها استهداف مباشر من داخل إيران إلى داخل الكيان، حتى وإن كان هذا الاستهداف شكليا، لكنه سيكون مُرضيا للأتباع في الداخل والخارج المتعطشون للنصر الذي يبحثون عنه لتسويقه، حتى ولو كان دون التوقعات.
كل ذلك يجري في إطار حرص كبير على ضبط هذا التصعيد وعدم تحوله إلى حرب مفتوحة أو شاملة لن تكون في صالح أحد ولا يقدر عليها أي طرف من طرفي الصراع على الأقل في الوقت الحالي، لذلك يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على ضبط التصعيد الإسرائيلي الإيراني وعدم خروجه عن الحدود المسموح بها قدر الإمكان، وهو مادفع واشنطن لإبلاغ تل أبيب أنها لن تكون طرفا في أي ضربة لإيران، لكن تظل الأمور مرشحة للاشتعال حال الخروج عن الحدود الآمنة أو اتخاذ خطوة غير محسوبة وهو الأمر الذي تحرص على تفاديه إيران أكثر من إسرائيل.

شارك