إمام مسجد الحق.. وإحباط محاولة تفجير كنيسة مدينة نصر
الأحد 06/يناير/2019 - 01:01 م
طباعة
حسام الحداد
ليس تفجير الكنائس والاعتداء على المسيحيين وليد اليوم بل إنه ولد في التراث الفقهي الإسلامي منذ تأسيسه، ولم يلتفت أحد إلى مناقشة هذا التراث ونقده لهالة القداسة التي تحيط به من ناحية ومن ناحية أخرى، فقد أصبح على حد قول الأزهر ما يمثل ما هو معلوم من الدين بالضرورة، حتى أنه صارت المقالات الفقهية محل تقديس وكأنها وحي من السماء، مما جعل قيادات التيار السلفي تنبح كل يوم وخصوصا في الأعياد الرسمية للأقباط بخطاب اقصائي وتحريضي ضدهم كان نتيجته ما يحدث في كل مناسبة من تفجير كنائسهم أو الاعتداء عليهم، وفي إطار سلسلة غير منتهية حتى الأن من استهداف الأقباط في مصر، وقع انفجار، مساء أمس السبت 5 يناير 2019، بمحيط كنيسة العذراء وأبو سيفين في مدينة نصر جهة منطقة عزبة الهجانة، وأسفرت عن استشهاد ضابط المفرقعات بمنطقة ما بين الجامع والكنيسة.
وبحسب مصدر أمني فإن القنبلة انفجرت بجوار كنيسة العذراء وأبو سيفين في مدينة نصر، وأسفرت عن استشهاد ضابط المفرقعات الرائد مصطفى عبيد أثناء فحصه إياها.
وتعود تفاصيل الواقعة عندما أبلغ إمام مسجد الحق بعزبة الهجانة التابعة لمدينة نصر، نهاية شارع مصطفى النحاس، القوى الأمنية المكلفة بحراسة كنيسة السيدة العذراء وأبو سيفين، بوجود عبوات ناسفة أعلى سطح المسجد، ربما يتم استخدامها ضد الأقباط في احتفالات عيد الميلاد.
وتوجهت على الفور قوة أمنية للموقع وجدت ثلاثة عبوات ناسفة، وخلال العمل على إبطالها انفجرت إحداها، وأسفرت عن استشهاد ضابط الشرطة وإصابة اثنين من أمناء الشرطة، وقامت القوة الأمنية بإبطال مفعول باقي العبوات وتمشيط المنطقة.
اقرأ أيضا: ردود الافعال على فتوى "برهامي" بهدم الكنائس
ومن ناحيته قال كاهن الكنيسة، إن حرص إمام المسجد ومحبته للأقباط ودوره الوطني، أنقذ مئات الأرواح، حيث لاحظ وجود أجسام غريبة أعلى سطح المسجد فأبلغ قوة الشرطة، التي تحركت وأبطلت العبوات الناسفة، وأشاد كاهن الكنيسة بالدور الوطني لإمام المسجد، وضابط الشرطة الذي ضحى بحياته أثناء تأدية عمله، وأنقذ مئات الأرواح.
ردود الأفعال على الحادث:
تعددت ردود الأفعال المناهضة لمثل هذه الحوادث من الاعتداء على الأقباط وتفجير كنائسهم وقد أدان الأستاذ الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية – العملية الإرهابية التي قام بها متطرفون بزرع عبوات ناسفة أعلى سطح مسجد الحق بعزبة الهجانة بمدينة نصر المجاور لكنيسة السيدة العذراء وأبو سيفين، وأكد مفتي الجمهورية – في بيان له – أن ما قام به المتطرفون من الاعتداء على حرمة دور العبادة من مساجد أو كنائس واستهدافها وترويع الآمنين فيها هو أمر تحرمه الشريعة الإسلامية، وتاباه الفطرة الإنسانية السليمة.
وأضاف المفتي أن هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة التي قامت بتلك العملية الخسيسة قد أصبحوا خصومًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال: "ألاَ مَنْ ظلم مُعاهِدًا أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طِيبِ نفسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة" أي: خصمُه، وأشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإصبعه إلى صدره "ألاَ ومَن قتل مُعاهَدًا له ذمة الله وذمة رسوله حُرِّم عليه ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفًا".
وشدد مفتي الجمهورية على أن الإسلام ترك الناس على أديانِهم وسمح لهم بممارسة شعائرهم داخل أماكن عبادتهم ليس ذلك فحسب بل إن التشريع الإسلامي ضمن لهم أيضًا سلامة كنائسهم ومعابدهم فحرَّم الاعتداء عليها بل ذهب الإسلام لِمَا هو أبعد من ذلك، حيث أمر بإظهار البر والرحمة والقسط في التعامل مع المخالفين في العقيدة، يقول تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
ودعا مفتي الجمهورية المصريين جميعًا إلى الوقوف حصنًا منيعًا أمام جماعات الإرهاب التي تسعى إلى زعزعة أمن واستقرار الوطن وإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
وتوجه فضيلة المفتي بخالص العزاء إلى أسرة الشهيدة داعيًا الله أن ينزله منازل الشهداء الأبرار، وأن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يشفي المصابين شفاءً تامًا عاجلًا لا يغادر سقمًا، ويحمي البلاد والعباد من كيد الخائنين.
كما أدان الأزهر الشريف بشدة الحادث الإرهابي وأكد الأزهر الشريف أن استهداف دور العبادة وقتل الأبرياء، عمل إجرامي أثيم، يخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وتعاليم كل الأديان التي دعت إلى حماية دور العبادة واحترامها والدفاع عنها، مؤكدا تضامنه الكامل مع كافة مؤسسات الدولة في مواجهة هذا الإرهاب الخبيث، الذي يسعى إلى إفساد احتفالات الإخوة الأقباط بذكرى ميلاد المسيح عليه السلام. ويتقدم الأزهر الشريف بخالص العزاء لأسرة شهيد الواجب الوطني، سائلاً الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يمن على المصاب بالشفاء العاجل.
كما أدانت الطائفة الإنجيلية بمصر، الحادث المؤلم الذي استهدف كنيسة العذراء وأبو سيفين، وأعرب الدكتور القس أندريه زكي، رئيسُ الطائفةِ الإنجيليَّةِ بمصر، في بيان له اليوم، عن خالص تعازيه لأسرة الشهيد، راجيًا من الله أن يلهم أهله العزاء والصبر.
وقال زكي، "إن إمام المسجد المجاور استطاع أن يمنع كارثة حقيقية بإبلاغه عن العبوة الناسفة"، مضيفًا "أن تصرفه هذا نموذج مشرف للُحمة الوطنية".
وأكد "أنه يثق في قدرة الأمن وإخلاصه في مواجهة الإرهاب والانتصار عليه"، مشددًا على "أن محاولات ترهيب وتخويف المواطنين لن تنال من عزيمة المصريين في بناء وطنهم".
وأضاف "إننا نصلي أن يحفظ الله مصر، سبيكة عصية على الكسر، ولأجل احتفالات آمنة، وسلام وأمان لكل المصريين".
كما نعت الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية وعلى رأسها قداسة البابا تواضروس الثاني، ببالغ الحزن، شهيد الوطن الرائد مصطفى عبيد، من إدارة المفرقعات، الذي استشهد أثناء قيامه بواجبه بفحص حقيبة وجدت بجوار كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبو سيفين بعزبة الهجانة، تبين أن بها عبوة ناسفة، انفجرت ما أدى إلى استشهاده.
وتقدمت الكنيسة -في بيان لها - بخالص التعزية لأسرة الشهيد، مصلين إلى الله أن ينعم بالشفاء على المصابين في الحادث ذاته.
وتشكر الكنيسة أجهزة الشرطة كافةً على يقظتها وجهودها المخلصة التي تبذلها فداءً للوطن.
وليحفظ الرب مصر من كل سوء.